منطقة الساحل والصحراء الإفريقي: بين الدور المغربي وتحديات تفعيل أجندة إفريقيا 2063

المعلومة القانونية

*محمد البغدادي،

باحث في مركز الدكتوراه

في تخصص القانون الخاص

كلية الحقوق بطنجة

 لا جدال في أن منطقة الساحل والصحراء الإفريقي هي أحد مناطق التوتر في العالم،

وذلك بما تتوفر من موقع استراتيجي وموارد طبيعية مهمة وبنية سكانية شابة جد هائلة،

لكنها تواجها مجموعة من الإكراهات والإشكالات التي تحول دون تحقيق الديمقراطية

والتنمية وتفعيل أجندة إفريقيا 2063، بما في ذلك أزمة كورونا التي ساعدت الجماعات

الإرهابية من تفشيها وتعزيز سلطتها وبسط نفوذها وتغلل الإرهاب في منطقة الساحل

الإفريقي سواء كان معطى أساسي اجتماعي ومرتبط بمنظومة اجتماعية أو أنه معطى

مستورد لغايات استراتيجية تدخل في إطار الجماعات الإرهابية وتهريب  المخدرات

والاتجار  بالبشر والجريمة المنظمة و التهافت أو التنافس الدولي على منطقة الساحل

الإفريقي من طرف قوى دولية كبرى، هذا فضلا عن هشاشة و ضعف الدولة المركزية

واحتضانها لسياسة بناء المحاور وغياب الأمن قادر على الاستتباب والاستقرار، بما في

ذلك الأمن التقليدي من خلال التهديدات العسكرية  والجماعات الإرهابية والأمن

الغدائي وندرة المياه وسنوات من الجفاف ضعف البنى التحتية، هذا فضلا عن أن هناك

فشل الأجندة السياسية للقارة الإفريقية لسنة 2063 ومبادرة إسكات الفنادق ووجود

فضاءات شاسعة تغري الجماعات الإرهابية للتموقع وللتمركز وللانتشار وأيضا للقيام

بتدريبات وجلب مجموعة من الشباب في إطار استقطابات وتدربيهم في أفق القيام

بعمليات الإرهاب التي تهدد السلم والأمن في منطقة الساحل والصحراء الإفريقي.

وتجدر الإشارة إلى أن المغرب هو البلد الإفريقي الوحيد في القارة الإفريقية يتبنى

استراتيجية رائدة وشاملة ومندمجة لمواجهة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة مع دولة

الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الساحل والصحراء الإفريقي والتي ترتكز على ثلاثة

محاور رئيسية، وهي الاستيباقية، والتحصين الديني، والإدماج الاجتماعي، تماشيا مع

توجهات العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي يحاول من داخل مؤسسة منظمة

الإتحاد الإفريقي أن يدافع عن المواطن الإفريقي في أكثر من مناسبة سواء على صعيد

المنتظم الدولي أو الإقليمي، بما فيها ترسيخ الانتقال الديمقراطي والتنمية وتحقيق الأمن

القومي المشترك داخل القارة الإفريقية، وذلك من خلال إحداث مكتب برنامج بالمغرب

لمكافحة الإرهاب والتكوين في إفريقيا بالرباط، تابع لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة

الإرهاب بتاريخ يوم الثلاثاء 6 أكتوبر 2020  على ضوء الاتفاق، الذي وقعه وزير

الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، و

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، السيد فلاديمير فورونكوف، السعي

إلى تضافر الجهود من أجل مواجهة التحديات المرتبطة بالتهديد الإرهابي المتزايد في

إفريقيا خلال السنوات الأخيرة.

وحيث أبرز السيد بوريطة، في تدخل على هامش حفل التوقيع، أن هذا المكتب، الأول

من نوعه في إفريقيا، يهدف إلى تعزيز قدرات الدول الأعضاء عن طريق بلورة برامج

وطنية للتكوين في مجال مكافحة الإرهاب.  وقال السيد بوريطة إن المغرب يلتزم بالعمل

بشكل ملموس مع هذه البنية الجديدة بغية وضع برنامج ديناميكي ومتطور للتكوين

يواكب ويتكيف مع مهمة “المتغيرة باستمرار والتي تزداد صعوبة، المتعلقة بالوقاية والرصد

وملاحقة الأنشطة الإرهابية”.

ومن أجل النجاح في هذا الرهان، أكد السيد بوريطة، أنه “يجب أن تكون أعمالنا في

انسجام تام مع احتياجات الدول الأفريقية، ومكملة لمختلف المبادرات التي أطلقتها هذه

الدول، وأن يتم تطويرها بمساهمة دول القارة، وكذا تقاسمها مع الشركاء ضمن مقاربة

تعاونية ومتضامنة”.

كما أشار السيد بوريطة إلى أن إحداث هذا المركز، وهو ثمرة عمل دؤوب دام أكثر من

تسعة أشهر، يأتي في الوقت الذي توجد فيه إفريقيا ضحية لتنام “مقلق” للأعمال

الإرهابية خلال عام 2020.

وقد تزايدت هذه الأعمال بنسبة 31 في المائة منذ عام 2011، لتصل إلى4100

هجوم في النصف الأول من العام الجاري، في حين ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن

الإرهاب بنسبة 26 في المائة في عام واحد (12507 مقابل 9944 في النصف الأول

من عام 2019).

وأضاف السيد الوزير أنه في منطقة الساحل، التي شهدت أكبر تجدد لأعمال العنف،

تضاعفت هجمات “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” و”داعش” سبع مرات منذ منتصف

عام 2017.

وأشار السيد بوريطة إلى أنه في بحيرة تشاد تضاعف تقريبا عدد ضحايا الهجمات

الإرهابية لجماعة “بوكو حرام” و”داعش” منذ يونيو 2017 لينتقل من 506 إلى 964

شخصا.

وفي ذات السياق، تواجه منطقة الساحل والصحراء في إفريقيا أحد أسوأ الأزمات

الإنسانية في العالم، بسبب تزايد العنف وانعدام الأمن الغذائي والنزوح المستمر وآثار

جائحة كوفيد-19، وذلك  بدواعي عديدة والتي تتمثل في ارتباط التمرد بالإرهاب

وانتشار الأزمات السياسية  للدول ومسألة الاحتجاجات على مستوى خطف الأطفال

عبر نيجيريا وبوركينا فاسو والنجير من طرف الجماعات الإرهابية أو الجهادية

والحركات المسلحة في شخص قطاع الطرق والميلشيات والقبيلة والجماعات والمنظمات،

والبعد الجغرافي والاحتقان الاجتماعي والتعددية العرقية واحتضانات أو صراعات بين

الساكنة والرحال والمزارعون وحدوث النزوح في داخل المثلث من تشاد وبوركينافاسو

ومالي والتي حولتهم إلى اللاجئين حسب  السيد يانس لاركيه المتحدث باسم مكتب

الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قال إن الوضع قد تدهور بشكل حاد خلال

العامين الماضيين  في ظل صعود حركات الشباب في بوزمبيق في الجنوب شرق إفريقيا.

وأضاف في المؤتمر الصحفي الذي تعقده وكالات الأمم المتحدة في جنيف بتاريخ 16

أكتوبر 2020، حيث أكد على أن الاحتياجات تتزايد أسرع من قدرة التمويل على

 مواكبتها من خلال وجود سكان المنطقة الحدودية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر في

بؤرة الصراع والفقر والتغير المناخي بدون دعم، نتخوف من أن تشهد المنطقة أكبر

الأزمات في العالم

كما أشار بوريس شيشيركوف المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون

اللاجئين   إلى إن أكثر من 2.7 مليون شخص بالمنطقة أجبروا على مغادرة ديارهم.

وتحدث في المؤتمر الصحفي عن الاحتياج الهائل للمأوى والماء والصرف الصحي

والخدمات الصحية وغيرها من المساعدات الأساسية.

بلدان منطقة الساحل الوسطى: بوركينا فاسو ومالي والنيجر تمثل بؤرة أزمة النزوح

القسري. أكثر من 1.5 مليون مشرد داخلي و365 ألف لاجئ فروا من العنف في

منطقة الساحل الوسطى، بمن فيهم أكثر من 600 ألف شخص خلال العام الحالي

وحده“.

ووصف المتحدث مستوى العنف الذي يتعرض له المدنيون بأنه مروع ومنهجي. وقال إن

الجماعات المسلحة تقوم، بوتيرة متكررة ومقلقة، بإعدام الآباء أمام أبنائهم. وفي أوائل

الشهر الحالي قتل مسلحون 25 رجلا أمام أسرهم في كمين شُن على قافلتهم أثناء

عودتهم إلى ديارهم أملا في تحسن الوضع الأمني.

وتواجه المنطقة خطرا آخر يتمثل في تغير المناخ، كما قال المتحدث باسم مفوضية شؤون

اللاجئين:

-المخاطر المناخية في منطقة الساحل تتزايد أيضا، إذ يغير ارتفاع درجات الحرارة أنماط

هطول الأمطار ويزيد وتيرة وحدة الفيضانات والجفاف والعواصف الرملية.، حيث

أدت الفيضانات المدمرة الأخيرة في المنطقة إلى وفاة العشرات وخلفت مئات آلاف

المحتاجين للمأوى والمياه النظيفة والخدمات الصحية، كثيرون منهم من النازحين

-الوضع التغذوي الصعب في المنطقة تحدث عنه تومسون فيري الناطق باسم برنامج

الأغذية العالمي  أن 7.4 مليون شخص لا يعلمون من أين ستأتي وجبتهم المقبلة من

خلال ما يشتشف  من التحليل الذي أجراه برنامج الأغذية العالمي أن 7.4 مليون

شخص آخر قد يعانون من انعدام الأمن الغذائي قبل بداية العام الجديد وينتج ذلك عن

عدة عوامل، ليس أقلها الآثار الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كوفيد-19

وبالإضافة إلى التحديات الإنسانية الهائلة في المنطقة، يُستهدف العاملون في المجال الإنساني

في كثير من الأحيان، من قبل الجماعات المسلحة غير التابعة للدول بأنحاء منطقة

الساحل: في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.

و حيث حذر المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي من انزلاق المنطقة إلى الفوضى،

بشكل لا يمكن إصلاحه بسرعة، ومن مخاطر انتشار عدم الاستقرار عبر الحدود إلى

الدول المجاورة حول خليج غينيا يما سيؤدي إلى مزيد من التدهور في الأمن الغذائي في

غرب أفريقيا.

كما قالت ماريكسي ميركادو المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)

إن عدد الأطفال الذين يحتاجون للمساعدة الإنسانية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر

وصل إلى 7.2 مليون طفل، وهو عدد غير مسبوق، بزيادة تقدر بالثلثين خلال عام

واحد.

لقد أُجبر أكثر من مليون طفل على النزوح من ديارهم. المياه النظيفة، وهي أساسية

لبقاء الأطفال الصغار على قيد الحياة ولمنع تفشي كوفيد-19-، أصبحت شحيحة

للغاية وخاصة بين النازحين. تقديرات عدد الأطفال الذين سيعانون من نقص التغذية

 المهدد للحياة هذا العام، ارتفعت بمقدار 20%”..

وأضافت المتحدثة باسم اليونيسف أن الهجمات المستهدفة في ثلاث دول قد أدت إلى

إغلاق أكثر من 4000 مدرسة قبل أن تؤدي الجائحة إلى إغلاق بقية المدارس.

كما أشارت إلى زيادة الحالات الموثقة للانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، ومنها

التجنيد في القتال، والاغتصاب، والعنف الجنسي، وخاصة في مالي.

قد يعجبك ايضا