زينب قروني: الجهة بنية ترابية تناسقية لتكريس النموذج التنموي الجديد

المعلومة القانونية

*زينب قروني،

باحثة في سلك الدكتوراه تخصص القانون العام والعلوم السياسية –

جامعة الحسن الأول كلية العلوم القانونية والسياسية سطات.

جاء في نص الخطاب الملكي:” أن تحديث ودمقرطة هياكل الدولة بقدر ما يتجسد في توزيع الدستور الجديد للسلطات المركزية، وفق مبدأ فصل السلط.  فإنه يتجلى بصفة أقوى في إرساء الجهوية المتقدمة، القائمة على إعادة توزيع السلط وإمكانات المركز على الجهات. وذلك على أساس الديمقراطية الترابية والحكامة الجيدة؛ بما يكفل تحقيق تنمية جهوية، متضامنة ومتوازنة ومندمجة، تضع حدا للمقولة الاستعمارية للمغرب النافع وغير النافع، وللفوارق المجالية[1]“.

من خلال هذا الخطاب الملكي يظهر لنا مدى أهمية الجهوية المتقدمة، كونها إطارا ترابيا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية… ثم كآلية لدعم اللامركزية، إذ يظهر أن المسألة الجهوية في الخطاب الملكي ترتبط دائما بمطلب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لتكريس التنمية الجهوية وتحقيق التوازن المجالي.

باعتبار المؤسسة الملكية في المغرب، لها مكانتها المتميزة والخاصة، في جميع مناحي الحياة، السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، والبيئية، والإدارية…فإنها تعتبر الناطق الأول باسم الدولة والمدافع عن منطلقاتها المرجعية، وبذلك فخطبه تكتسي أهمية فائقة، باعتبارها الموجه والمرشد، الأساسي لتحركات ومواقف الدولة والحكومة والادارة[2].

من هذا المنطلق، وبعد دسترة الجهة، والرقي بها آملين من هذا التقطيع الترابي الجديد، منح بصيص الامل للساكنة المحلية بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، إلا أنه مع الأسف التنمية التي كرست لها الجهة لم تتحقق. وهذا ما تم تأكيده في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية، من الولاية التشريعية العاشرة حيث يقول الملك محمد السادس:”إذا كان المغرب قد حقق تقدما ملموسا، يشهد به العالم، إلا أن النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وفي هذا الصدد، ندعو الحكومة والبرلمان، ومختلف  المؤسسات والهيئات المعنية، كل في مجال اختصاصه، لإعادة النظر في نموذجنا التنموي لمواكبة التطورات التي تعرفها البلاد. إننا

نتطلع لبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج، كفيلة بإعطائه نفسا جديدا، وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره، ومعالجة نقط الضعف والاختلالات التي أبانت عنها التجربة”[3].

فالمقصود من إنزال هذه النماذج من الخطب، ما هو إلا برهان على أن أمير المؤمنين  كان ولا يزال العمود الفقري في مجال الهندسة الترابية الوطنية وأيضا في المجال التنموي، هذه الخطب التي أصبحت البوصلة للسياسة العامة للبلاد. باعتبار ورش الجهوية المتقدمة و مطلب النموذج التنموي الجديد، ذات مرجعية ملكية ، فالأولى لا تقف عند الرقي بالجهة والنهوض بنظام جهوي متقدم، لكون هذه المرجعية هي خارطة طريق محورية توجه مسار العديد من الأوراش السياسية، والإدارية، والاقتصادية، والاجتماعية…..بل هي إطار لتدبير التنمية المحلية، وإحداث التوازن المجالي، وتعزيز الممارسة الديمقراطية المحلية في إطار من ارتكاز التنظيم الجهوي على مبادئ التدبير الحر، والتعاون والتضامن ومشاركة السكان في تدبير شؤونهم، ثم الرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة[4].

من خلال ما تم التطرق إليه سنعالج إشكالية الموضوع باعتبار الجهة جهاز لها وظيفتها المحددة، وأهميتها ومكانتها التي منحت لها بكل مقوماتها، إذ تمثل أعلى جماعة ترابية دستوريا. بالإضافة إلى أنها تمثل البنية الساهرة على تنمية مجالها الترابي بالرغم من المتغيرات التي تعرفها، داخل هذا النسق الترابي المنتظم مع الأخذ بعين الاعتبار التفاعلات الوظيفية ومدى ملاءمتها وإلتقائيتها مع الطموح الملكي بخصوص النموذج التنموي الجديد الذي أظهر جلالته أننا في حاجة إلى بلورته حسب المقومات التي نملكها ومدى تفاعل كل مكونات المجتمع لتحقيقه.

فللإحاطة ومحاولة تفكيك هذه الإشكالية، سنعمد لإبراز الجهة كفاعل ترابي لها أسسها وخصائصها القانونية، ومدى التقائها  وخصائص مطمح النموذج التنموي الجديد، باعتماد التدبير المحوري التالي:

المحور الأول: الجهة بنية تكاملية في التوازن الترابي والتنموي

المحور الثاني: الجهة براديغم ترابي لتكريس النموذج التنموي

إذا استطاعت العديد من الأنظمة التخفيف من حدة الاختلالات والتباينات داخل مجالها الترابي، وكذا تقليص حدة التوتر السياسي الحاصل بين مجموعاتها وسكانها، وذلك بفضل نهجها لجهوية حقيقية، لها من الإمكانات ما يجعلها في قلب التحول المجالي والمجتمعي، فإن المغرب لا زال لم يتمكن من القضاء على هذه الاكراهات، بالرغم من بذل المجهودات لمدة زمنية تتجاوز أكثر من أربعة عقود من الزمن، الشيء الذي جعل السلطات المركزية لم تتردد في طرح البديل، تمثل في خيار الجهوية المتقدمة، كحلقة جوهرية في مسلسل تفعيل سياسة المغرب الترابية[5]، وبالموازاة مع واقع الاختلالات المجالية والإرادة في تكريس وترسيخ التنمية المنشودة من هذا التقطيع الترابي.

المحور الاول: الجهة بنية تكاملية في رسم توازن الخريطة التنموية والترابية

يتميز النظام الإداري الترابي بالمغرب بقدرته على التطور في الزمان والمكان بطريقة تفاعلية منتظمة[6]، فبالرجوع إلى عجز التقطيع الترابي الجهوي في نطاق التجارب السابقة -1971 و1997، يبقى معلقا في كثير من جوانبه على ضعف المعايير الموظفة في ذلك، فإن اقتراح اللجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة حاول أن يتلمس هذا العجز، وأن يعمل على تجاوزه بالنظر إلى كونه يركز على الخصوصيات الإثنية والقبلية واللغوية والتاريخية. فنموذج التكامل كمعيار اعتمد في تجربة 1971، لم تعد له نفس الوجهة والقيمة حاليا، انطلاقا مما تتسم به اليوم المنظومة المجالية المحلية والوطنية والدولية، من انفتاح اقتصادي وعولمة وتطور بنيات التواصل بين الناس، وتنقل المنتوجات. كما أن أقتراح اللجنة الاستشارية للجهوية تفادى التوازن والتجانس، بين الوحدات الجهوية القائمة، على أساس عدد السكان والمكونات الطبيعية، لتتشكل بذلك الجهات حسب حجم ديمغرافي مقبول وملائم، وتستفيد من جغرافية متنوعة حسب ما تسمح به المعطيات الجهوية والمجالية. وبالتالي تم اعتماد مجموعة من المعايير تشكل استمرارا من حيث الوظيفة وذلك بتوفير شروط التنمية الترابية في مختلف أبعادها وتتجلى هذه المعايير في:

  • معيار الفاعلية: باعتبار مسألة الجهة حاضن ترابي للممارسات الديمقراطية في تدبير الشأن المحلي، وتنمية الحياة المحلية في أبعادها المتشعبة والمتعددة، وتوجيه ممارسة الدولة لوظائفها الترابية وإقامة المؤسسات والمصالح، تجعل من هذا المستوى الترابي وسيطا حتميا بين الدولة وباقي الجماعات الترابية، مما أضفى على المغرب شكل من وحدة مجالية، كفيلة بتأسيس كيانات مجالية فعالة لمواجهة المنافسة الخارجية. إذ أن الجهة السابقة برهنت أنها غير قادرة على استقطاب ودخول غمار المنافسة ما جعل وزنها الاقتصادي ضعيف.
  • معيار التراكم: يفيد الأخذ بعين الاعتبار، ما تم انجازه من تراكمات إدارية وترابية معتمدة، على البعد الترابي السابق.
  • معيار التجانس: تحدد بناء على مظاهر الوسط الطبيعي، أي مميزات هذا الوسط كمحدد حاسم في عملية إفراز الجهة وتثبيت حدودها[7].

وقبل الوصول إلى مرحلة النضج بإقرار الجهوية المتقدمة، لا بد من الإشارة إلى أن الجهوية المتقدمة، التي يراهن عليها المغرب، هي نتيجة حتمية للتطورات التي يشهدها ملف الصحراء، فالمغرب سيعتمد نظاما جهويا أقل من الحكم الذاتي، وأوسع من الجهوية الإدارية، وهو خيار استراتيجي يعكس واقعا سياسيا هاما، لا ينعزل أو يتوارى، بل يتماشى والمعطى الاقتصادي والاجتماعي، والمتمثل في ضرورة التوزيع العادل للثروات.

وبالرجوع إلى سياق الموضوع الهدف، فبترسيخ الجهوية المتقدمة، وجعل الجهة بنية أساسية بين الجماعات الترابية. حيث يتنازل المركز تدريجيا للجهة على صلاحيات كبيرة تجعل منها فاعلا مرجعيا يتوج الصرح المؤسساتي للملكة[8]. لكن ما يفهم من خلال ما سبق، أن مسألة الاعتراف بالجماعات الترابية في إطار التنظيم اللامركزي؛ لا يعني بأي حال من الأحوال استقلاليتها عن الدولة بشكل مطلق، والفصل التام بين المصالح المحلية والمصلحة الوطنية؛ وإنما يعني ذلك منح لهذه الهيئات المستقلة، الحرية التامة في اختيار الوسائل المناسبة لإشباع الحاجات المحلية، دون الإضرار والمساس بالمصلحة الوطنية؛ بمعنى أن العلاقة بين المصلحتين هي علاقة تكاملية وليست علاقة تنازع[9].

فقد كانت عدة دوافع وراء إقرار الجهوية كتقسيم ترابي وتنظيمي، كلها ذات هدف تنموي بامتياز، بعد أن تأكد فشل المركزية في الاستجابة لمتطلبات سوسيو-اقتصادية محلية متزايدة، واعترفت بوجود مصالح محلية، ذات خصوصية لا يمكن تلبيتها إلا بفتح المجال للإشراك المحلي، والجهوية كمستوى من مستويات التدبير الترابي، إنما تأتي في سياق التفتت الحتمي التي تشهده تدريجيا قبضة المركز على التراب، بعد أن بدأ هذا التشرذم مع الجماعة والإقليم. ويدخل ذلك في إطار عملية إعادة توزيع الأدوار لترسيخ اللامركزية والديمقراطية التشاركية المنشودة، وكذلك كرد فعل على استشعار الأهمية الإستراتيجية القصوى للإشراك والانفتاح، وهي الأهمية ذات الأبعاد الجيو-سياسية والتنموية الحساسة،[10] التي برزت  فيما بعد في الخطب الملكية.

وقد شكلت الجهوية المتقدمة، مرجعا شبه دائم في الخطاب الملكي في مناسبات كثيرة-كما سلفت الإشارة إلى ذلك-، لذلك نعتبرها من إبداع وتطوير رئيس الدولة محمد السادس، وهذا ما أكده على سبيل المثال وليس الحصر الخطاب السامي للصاحب الجلالة: “…وفاء لروح ملحمة عشرين غشت، حققنا مكاسب هامة، وإصلاحات عميقة، لترسيخ صرح الدولة المغربية الحديثة. وتعزيزا للتقدم الذي بلغته بلادنا، في ممارسة اللامركزية، بادرنا إلى إطلاق ورش الجهوية المتقدمة، توطيدا للحكامة الترابية الجيدة، والتنمية المندمجة[11].

كما سلط نفس التوجه للإرادة الملكية بخصوص الجهوية المتقدمة في خطاب طنجة بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتلائه العرش:”… من هذا المنطلق أشاطرك الاقتناع، بأن المغرب قد قطع أشواطا كبرى في البناء الديمقراطي التنموي، شكلت منعطفا هاما في تاريخه. وبروح المسؤولية أصارحك بأن ما اعترض هذا المسار من عوائق واختلالات يتطلب الانكباب الجاد على إزاحتها وتصحيحها لاستكمال بناء مغرب الوحدة والديمقراطية والتنمية، وتأهيل بلادنا لرفع تحديات سياق عالمي مشحون بشتى الاكراهات والتحولات، سبيلنا إلى ذلك الإسراع بوثيرة الأوراش الإنمائية وتعزيزها بإصلاحات جديدة وتدبيرها بالحكامة الجيدة….

وأضاف قائلا:” وباعتبار الملكية قطب الرحى للثوابت الوطنية فقد أضفينا طابع المواطنة وذلك بترسيخ دولة الحق والقانون وديمقراطية تشاركية وانتهاج الحكامة الجيدة وسياسة القرب….. وأضاف” وفي سياق تصميمنا على الارتقاء بالحكامة الترابية، قررنا فتح ورش إصلاحي بإقامة جهوية متقدمة نريدها نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية…..”[12].

فقد مثلت هذه الخطب كما سبقت الإشارة إلى كونها مرجعيات ملكية في رسم البعد الجهوي الجديد، من أجل تنمية مندمجة تجعل من المغرب الرائد الأول في إفريقيا بتبنيه لهذا النموذج الترابي بخصائص ومميزات مغربية.

لهذا وقبل الخوض في هذا المطلب الترابي لا بد لنا من التدقيق في مفهوم الجهوية إذ يتطلب التمييز بين الجهوية السياسية “régionalisme” والتي تعني مجموعات متماسكة ذات أهداف سياسية دفاعية، وبين الجهوية بالمفهوم المتداول ” régionalisation” تعني مجموعة متناسقة ترمي إلى تكامل اقتصادي إداري تنموي من أجل النهوض بمؤهلاتها وتسخير إمكانياتها الطبيعية والبشرية والمادية في إطار متكامل[13].

وتجب الإشارة إلى أنه تختلف تعريفات الجهة والجهوية حسب كل تخصص معرفي وحسب الغايات والأهداف المرجوة من اعتمادها ومن بين تعريفاتها ، كونها مجال اقتصادي يشكل جزء من التراب الوطني لبلد معين ، ويتميز بشكل واضح بخصائصه، الجغرافية، والطبيعية، والاقتصادية، والاجتماعية. وأحيانا يتميز بخاصيات تاريخية، وإثنية، وسياسية كوحدة متميزة في إطار الاقتصاد الوطني. فالجهوية كمقاربة للتدبير الترابي، يمكن تحديدها: ” كجماعة ترابية معترف لها بمجموعة من الاختصاصات، والصلاحيات في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية ، وتتمتع بمجموعة من الإمكانيات ووسائل العمل المادية لتحقيق ذلك”.
أما الجهوية المتقدمة، فهي كذلك ” مقاربة للتدبير الترابي”، إلا انه تدبير يحوز على درجة متقدمة، سواء في التمثيلية الشعبية أو في الصلاحيات والاختصاصات الجهوية. والتي نظمت بمقتضيات دستورية وجعلت من الوسائل المالية، المرتبطة بالاختصاصات الجهوية تصبح مقسمة بين: كل من الدولة كوحدة مركزية، والجهات كوحدات ترابية، بناءً على مبدأ التفريع.

وبعد إزالة هذا اللبس حول المفاهيم، ونظرا للأهمية التي يشكلها النظام الجهوي، في المسار التنموي لكل دولة والتزاما من المملكة بتحقيق ما وعدت به، تم فتح هذا الورش يوم 03 يناير 2010، لإحداث مشروع جديد للجهوية وحدد لها أربع مرتكزات : أن تكون مغربية صرفة، وان يتمثل فيها الالتزام بالتضامن، وتعتمد التناسق والتوزيع في الصلاحيات والإمكانيات وتعتمد على انتهاج اللاتمركز الواسع ضمن حكامه ترابية ناجعة.
وعلى هذا الأساس، فالانتقال الحقيقي الى دولة الجهات، لا يعني إقامة مجموعة من الجهات، تتمتع باستقلالية عن المركز في بعض المجالات المحددة أو تلك المفوضة لها من قبل السلطة المركزية، بل منح الجهات صلاحيات وسلطات دستورية للارتقاء بنظام الجهة، إلى مستوى متقدم من اللامركزية في إطار الدولة الموحدة ، بمعنى الانتقال من الجهوية الإدارية المعمول بها حاليا في المغرب، الى الجهوية السياسية المحددة دستوريا[14] .

إذ جاء دستور 2011 ليؤسس لتنظيم ترابي لا مركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة[15]، حيث خصص بابه التاسع للجهات والجماعات الترابية الأخرى[16]. واعتبر أن الجهات والجماعات الترابية الأخرى تساهم على حد سواء في تفعيل السياسة العامة للدولة وفي إعداد السياسات الترابية .[17]

فيظهر أنه بعد دسترة الجهة وجعلها في قمم الجماعات الترابية، كخيار استراتيجي لشكل التنظيم الترابي ببلادنا، هدفه التنمية المستدامة في اقتناع تام بضرورة الانفتاح، والإشراك، والتداول داخل علاقة تفاوضية وتعاقدية بين الدولة والجهة. على اعتبار أن التجربة المغربية في الجهوية ينبني على شروط ذات حمولة تنموية.

وبالرجوع إلى علاقة التعاقد أو مصطلح تعاقد الدولة والجهة كإحدى المرتكزات الاساسية لتقدم الجهة وتنميتها ، نجد أساسه من القانون الخاص حيث ينظم العقد علاقة مشروطة بين طرفين، وهنا لا يجب التركيز على الصبغة التعاقدية المستوردة، في إطار العدوى الفكرية من القانون الخاص، بل يجب النظر بعمق إلى مفهوم الديمقراطية المحلية. فالانخراط في تعاقد يعني التفاوض أولا، وذلك لا يكون إلا بين أطراف متساوية في الحقوق وحرة في اتخاذ القرار، ومن جهة أخرى إذا كانت اللامركزية تستجيب لمنطق الثنائية الفعالية/ التضامن، فإن التعاقد يستجيب لدواعي الفعالية/ المشروعية.

في هذا السياق، قد يكون التعاقد بين الدولة والجهة الوسيلة المثلى للتخطيط الترابي، المنطلق من شروط التناغم والتوافق مع أولويات معدة في مستويات أخرى، وكذلك شكل جديد للتنمية المحلية. ولتحقيق هذا المبتغى يجب أن يحمل العقد جملة من الشروط العامة والخاصة، تتجلى أساسا في طبيعة الأهداف المطلوب تحقيقها، وتفصيل حصص المساهمة وطرق التمويل المعتمدة عن كل جانب، وآجال التنفيذ وإمكانية تعديل الشروط تفاديا للتوقف أو التبذير[18]. إن التعاقد وإن كان يبدو ذو طبيعة إدارية، مالية واقتصادية، فإنه يجسد للبلاد ذلك التعاقد الاجتماعي والاقتصادي التضامني، وهو ما دعا إليه العاهل المغربي قائلا: ” إن التعاقد الدستوري والسياسي الجديد، بما يضمنه من منظومة متكاملة لحقوق الإنسان، وواجبات المواطنة سيبقى صوريا ما لم يقترن بانبثاق تعاقد اجتماعي واقتصادي تضامني….”[19] .

من خلال ما سبق نستشف، أن التقطيع الجهوي التي اعتمده المغرب، في ظل المتغيرات التي يعيشها جعل من تلك البنية؛ أي الجهة وحدة وظيفية ومؤسساتية مكرسة أساسا للتنمية المندمجة. متجاوزة بنهج تدبيري الإكراهات الجغرافية، والبيئية والديمغرافية. معتمدة على ذلك في ترسيخ مبدأ التعاقد، لأنه يعطي هو بدوره صورة جديدة لتدبير جديد مبني على حقوق وواجبات بين الدولة والجهة، ومن ناحية أخرى وفي الخطاب الذي تمت فيه الإشارة إلى ما يجب الاعتماد عليه من مرتكزات لإنجاح الجهوية المتقدمة وجعلها تتجه إلى التنمية المندمجة التي تحقق رفاهية الساكنة.

حيث حدد صاحب الجلالة في خطابه:”…….. إن مشروع الجهوية، إصلاح هيكلي عميق يقتضي جهدا جماعيا لبلورته وانضاجه، لذا ارتأيت أن أخاطبك في شأن خارطة طريقه: أهدافا، ومرتكزات، ومقاربات.

فطموحنا الكبير من هذا الورش الواعد هو ترسيخ الحكامة المحلية الجيدة وتعزيز القرب من المواطن وتفعيل التنمية الجهوية المندمجة، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولبلوغ هذه الأهداف، فإن هذا الإصلاح يجب أن يقوم على مرتكزات الوحدة والتوازن، والتضامن.

فالوحدة، تشمل وحدة الدولة والوطن والتراب، التي لا يمكن لأي جهوية أن تتم إلا في نطاقها.

وأما التوازن، فينبغي أن يقوم على تحديد الاختصاصات الحصرية المنوطة بالدولة مع تمكين المؤسسات الجهوية من الصلاحيات الضرورية للنهوض بمهامها التنموية، من مراعاة لمستلزمات العقلنة والانسجام والتكامل.

ويظل التضامن الوطني حجر الزاوية، في الجهوية المتقدمة، إذ أن تحويل الاختصاصات للجهة يقترن بتوفير موارد مالية عامة وذاتية”[20].

إذا تعتبر هذه المبادئ مبادئ دستورية، عبرها يتماشى آن ذك مشروع الجهوية المتقدمة، أما الآن فبعد دسترتها فهي أصبحت لازمة لهذا التنظيم الترابي الذي سار عليه المغرب.

وينطبق مبدأ الوحدة، بشكل خاص على كيان الدولة وتماسكها، وهو ينطوي، في سياق التجربة المغربية، على السير نحو التشبث بمقدسات الأمة وثوابتها، واعتباره المرجعية في كل توجه مستقبلي للجهوية المتقدمة، وذلك على غرار العديد من التجارب المقارنة، والتي تؤكد على الأولوية التي يجب إيلاؤها  لهذا المبدأ كقاعدة مؤطرة لاعتبارات التنوع المجالي والإثني والثقافي.

إن الجهوية المتقدمة، يجب أن تكون تأكيدا ديمقراطيا للتنوع الثقافي والإثني والمجالي داخل المغرب، هذا التنوع المنصهر في بوثقة الهوية الوطنية الواحدة، وهي إحدى الآليات الأساسية للحفاظ على وحدة الدولة العصرية من خلال الإقرار بالخصوصيات الذاتية للمجتمعات المحلية التي تأخذ في العديد من الحالات شكل قوي سياسية أو إثنيات وأقليات عرقية في جو من التوافق الوطني[21].

أما مبدأ التضامن  فإنه يشكل حجر الزاوية في رأي جلالة الملك بالنسبة للجهوية المتقدمة، حيث إن تخويل الاختصاصات للجهة يجب أن يقترن بتوفير موارد مالية عامة وذاتية، وذلك بالنظر إلى مشكل وجود موارد جهوية بالحجم الذي يمكن هذه الوحدات الترابية، من القيام بما يسند إليها من وظائف ومهام بمقتضى القوانين، الشيء الذي يجعل واقع عدم التكافؤ هو السمة المميزة للنظام الجهوي بشكل عام، إلا إذا كان هدفها هو تمكين كل جهة من استثمار مؤهلاتها وإمكاناتها على الوجه الأكمل، في إطار من التعاون والتكامل مع باقي الوحدات الأخرى، مع ايجاد آليات ناجعة للتضامن المجسد للتكامل والتلاحم بين المناطق في المغرب الواحد. بالإضافة إلى أن مبدأ التضامن، يفترض إعادة توزيع الثروات اعتمادا على آليات محددة ومدروسة، للتغلب على الفوارق والاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، بين مختلف جهات البلد، خاصة في ظل وجود جهات مدعومة بموارد وإمكانات، وأخرى مفتقرة إليها.[22].

وفيما يخص مبدأ التوازن فإن أهميته تتضح من خلال إرساء التوازن والحجم بين الوحدات الترابية الجهوية، وذلك لتفادي كل ما من شأنه أن يشكل طغيانا للمناطق الكبرى على الصغرى. فبواسطة الممارسة العملية تبرز ظاهرة تركيز الموارد والخدمات والأنشطة ذات المردودية المرتفعة داخل الجهات، وبالتالي إحداث مناطق شاسعة وقيادية واسعة الامتداد، يؤدي في غالب الاحيان  إلى تشكيل مكونات مجالية ضخمة.  كما يجد هذا المبدأ أيضا بعض مضامينه، في كونه يحيل إلى توازن كل من السلطة المركزية والسلطات الجهوية، مع التأكيد بطبيعة الحال على ضرورة تحديد اختصاصات السلطة المركزية، وفسح المجال أمام السلطات الجهوية على نحو يعكس التكامل بين الاختصاصين لا التعارض بينهما، كما أن هذا المبدأ يحيل على تدبير التوازن على مستوى المكونات الترابية للجهة نفسها، بمعنى تحقيق توازن الاختصاص ما بين السلطة المنتخبة والسلطة المعينة، وبالموازاة أيضا توزيع الاختصاص ما بين المجالس الجهوية والسلطة المركزية[23]. ولكي تساهم الوحدات الادارية الترابية في التطوير والتحديث، عليها أن تطور وسائل ومناهج عملها، وذلك بإقحام أساليب تدبيرية متجددة ومبتكرة تروم التدبير الجيد للشأن العام تواكب مختلف المستجدات وتعمل على إدماج الإدارة في عمق التنمية.                                                                                             من هذا المنطلق يعد نظام اللاتمركز الإداري أحد الرهانات الأساسية لوضع إدارة لا ممركزة في بناء الجهوية المتقدمة على الصعيد الجهوي، والعمل على تشكيل نمط جديد من التدبير المتوازن والمتناسق والمنظم من أجل إحداث نقلة نوعية في تدبير الشأن العام على مستوى الجهات[24]، في سياق تكريس التنمية الجهوية المندمجة التي نتطلع إلهيا.

ومن هذا المنطلق، يعتبر اللاتمركز الإداري لمصالح الدولة تنظيما إداريا، مواكبا للتنظيم الترابي اللامركزي للمملكة، القائم على الجهوية المتقدمة، وأداة رئيسية لتفعيل السياسة العامة للدولة، على المستوى الترابي قوامه نقل السلط والوسائل، وتخويل الاعتمادات لفائدة المصالح اللامركزية على المستوى الترابي، من أجل تمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها، واتخاذ المبادرة تحقيقا للفعالية والنجاعة.

وفي هذا الباب سعت الحكومة من خلال إخراج ميثاق اللاتمركز الإداري إلى:

التطبيق الأمثل للتوجهات العامة لسياسة الدولة، في مجال إعادة تنظيم مصالحها على الصعيدين الجهوي والإقليمي، وتحديد المهام الرئيسية الموكولة إلى هذه المصالح.

التوظيف الترابي للسياسات العمومية من خلال أخذ الخصوصيات الجهوية بعين الاعتبار في إعداد هذه السياسات وتنفيذها وتقييمها.

مواكبة التنظيم الترابي اللامركزي للمملكة، القائم على الجهوية المتقدمة، والعمل على ضمان نجاعته وفعاليته.

إرساء دعائم راسخة ودائمة لتعزيز التكامل، في الوظائف والمهام بين المصالح اللاممركزة للدولة، والهيئات اللامركزية، ولاسيما منها الجماعات الترابية، وذلك من خلال :

  • تفعيل آليات الشراكة والتعاون.
  • تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة للجماعات الترابية، ومجموعاتها وهيئاتها، ومواكبتها في انجاز برامجها، ومشاريعها التنموية.
  • ضمان التقائية السياسات العمومية وتجانسها وتكاملها على الصعيدين الجهوي والاقليمي، وتحقيق التعاضد في وسائل تنفيذها.
  • تحقيق الفعالية والنجاعة في تنفيذ البرامج، والمشاريع العمومية التي تتولى مصالح الدولة اللاممركزة الإشراف عليها أو تتبع تنفيذها[25].

 

 

وعلاوة على جوانبه التنظيمية والتقنية، والتي تعتبر هامة وأساسية، فإن نظام اللاتمركز الفعلي والواسع، يبقى رهينا بترسيخ مبادئ تتصل بتصور السياسات العمومية، وتفعيلها بأساليب الحكم والإدارة، ويرصد الموارد البشرية والمالية وتدبيرها بطريقة أجدر، والتنسيق الناجع للفعل العمومي على كل مستوى ترابي تتدخل في سياقه الدولة، بما في ذلك، وعلى وجه الخصوص التراب الجهوي[26].

فالجهة إذا، هي المجال الأمثل للاتمركز، ولذلك يتحتم على الإدارات المركزية، أن تنشئ مصالحها الخارجية بهدف ترسيخها، إذا أردنا أن نجعل من الجهة مجالا استراتيجيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

فصياغة إطار جغرافي مناسب يحكم ويضبط حركية التنمية الجهوية، ويجعل منها فضاء مشجعا لتحقيق توازن بين اللامركزية الجهوية واللاتركيز الإداري، لهو مرتكز أساسي في نجاح الجهوية المتقدمة، إذ أن التقطيع الترابي ليس هو الغاية المثلى ولا الرهان الأوحد، بل الغاية هي ايجاد جهات تكون في خدمة الإنسان والتنمية الشاملة، وتدفع بعجلة التنمية المندمجة إلى الأمام والرفع من مستوى الإنسان[27].

فماهي الآليات التي تتوفر عليها الجهة كبراديغم ترابي لتكريس النموذج التنموي الجديد الذي نادى به صاحب الجلالة للرفع من مستوى تنمية المواطن المغربي؟

هذا ما سنحاول الخوض فيه والاجابة عليه في المحور الثاني.

المحور الثاني: الجهة براديغم ترابي لتكريس النموذج التنموي الجديد

إن الارتقاء بالجهوية المتقدمة إلى المستوى الذي يؤهلها إلى لعب وظيفة البنية المجالية الوسيطة بين الدولة وباقي الوحدات الترابية الطامحة إلى تحقيق التنمية، من خلال أسس التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد.

حظي موضوع التنمية باهتمام المفكرين والسياسيين ورجال الاقتصاد، فأخذ حيزا كبيرا من النقاشات في العقود  الأخيرة، سواء على مستوى التنظير الاقتصادي والبحوث العلمية أو المؤسسات الدولية ومراكز البحث، أو مستوى السياسات الاقتصادية للدول، وذلك نظرا لما له من تأثير عميق على الأفكار والبنيات والاختيارات والقناعات.                     فالتنمية في مدلولها العام؛ التغيير واعتماد خيارات بديلة، بغية الوصول إلى وضع أفضل، يشمل الإنسان والمجتمع والدولة، بمعنى شامل للنواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية[28]. والبيئية والثقافية.

إلا أن تعريف التنمية يظل مرتبطا دوما بالخلفية العلمية والاستراتيجيات النظرية، فعلماء الاقتصاد مثلا يعرفونها بأنها الزيادة السريعة في مستوى الانتاج الاقتصادي عبر الرفع من مؤشرات الناتج الداخلي الخام، في حين يعرفها علماء الاجتماع على أنها تغيير اجتماعي يستهدف الممارسات والمواقف بشكل خاص.

وقد جاء في لسان العرب لابن منظور إن التنمية من نمى ينمي، نمياً ونماءً، زاد وكثر، ونمى الإنسان سمُن.

وتعتبر هيأة الامم المتحدة من جهتها أن مصطلح التنمية يفيد:” التغير مع النمو” وهذا التغيير ذو أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية.

وقد عرفها فليب روب : الذي جعل منها بؤرة للتغيير، من شيء غير مرغوب فيه إلى شيء مرغوب فيه، باعتبارها تسخر في خدمة التوجيه العقلي للبناء نحو تحقيق أهداف متضمنة في نسق القيم، حيث التنمية لا يمكن أن تغير ذاتها ولكن ما يبررها هو ما تهدف إليه.

أما ماركس : التنمية هي عملية ثورية تتضمن تحولات شاملة في البناءات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية فضلا عن أساليب الحياة والقيم الثقافية.

وقد لخص المفكر Batten التنمية بكونها: تطوير المستويات الحياتية نحو الاحسن[29].

وتجب الإشارة إلى أن التنمية تختلف عن التغيير، في كون هذا الأخير حدثا موضوعيا، لا يصف تطورا إيجابيا أو سلبيا؛ بينما التنمية، عملية تغيير، ذات طبيعة معيارية من الناحية القيمية؛ وهي لا تحيد عن كونها مسار تجديدي ودينامي طويل وغير يسير، يرمي إلى الوصول لوضع مثالي، مخالف لما كان عليه الحال في الماضي، لكن دون أن ينفلت ذلك عن الإطار المؤسساتي والقواعد العامة التي تحكم الدولة والمجتمع[30]. لهذا نجد الجهة تلك البنية المتناسقة بكل مكوناتها تاريخيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا…، المرجوة بعد وعي الدولة بأهميتها الدولة الإقدام على إصلاحات جريئة قانونية ومالية ومؤسساتية، لتحقيق تنمية شاملة ومندمجة في كل المجالات وقطاعات المجتمع .

ولأهمية التنمية التي تقاس بها المجتمعات نادى صاحب الجلالة في خطاب [31] بخصوص النموذج التنموي الجديد : “إن النموذج التنموي الجديد مهما بلغ من نضج سيظل محدود الجدوى، ما لم يرتكز على آليات فعالة للتطور، محليا وجهويا لدى ما فتئنا ندعو بالتسريع لتطبيق الجهوية المتقدمة، لما تحمله من حلول وإجابات لمطالب اجتماعية وتنموية، بمختلف جهات المملكة فالجهوية ليست مجرد مساطر إدارية، إنما هي تغيير عميق في هياكل الدولة ومقاربة عملية في الحكامة الترابية”.

وباعتبار خطاب العرش ارتكز على إبراز النموذج التنموي كاختيار استراتيجي للدولة المغربية، فهو من جهة أخرى يفرض نفسه كوجهة نظر الدولة وموقفها تجاه مخرجات الأزمة المغربية، ومن جهة أخرى يدعوا إلى مقاربة تشاركية بين جميع مكونات المجتمع لخلق نموذج تنموي يلائم الخصائص التنظيمية الترابية للمغرب، حسب ما يتوفر عليه من آليات قانونية ومؤسساتية، تسهر على تحقيق التنمية من خلال الفصل الاول من الدستور الجديد، الذي حدد فيه المشرع الباب التاسع للجهات والجماعات الترابية الأخرى – الفصل  135 إلى 146-  لرسم الأهداف التنموية للبلاد، وتماشيا مع الدستور فقد تم تعديل القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات المحلية، وإصدار قوانين ملائمة مع روح الدستور والتي تهم الجماعات الترابية، فتم إصدار القانون رقم 14-113 الخاص بالجماعات، والخاص بالعمالات والاقاليم رقم 14-112، والقانون رقم14-111 المتعلق بالجهات. وهذا الاخير هو حجر الزاوية الذي سنستخرج منه مدى توفر الجهة على كل الوسائل  الالتقائية لترسيخ النموذج التنموي الذي يطالب به رئيس الدولة، وبصيغة استفهامية مدى التقائية البعد الجهوي مع طموح النموذج التنموي الجديد؟.

إذا فقد شكلت القوانين التنظيمية، للجماعات الترابية بالمغرب الصادرة في يوليوز 2015 تحولا تشريعيا، ساهم في تكريس المقتضيات الدستورية. الخاصة بالحكامة الجيدة في تدبير الشأن العام الترابي، ودعم دور وعمل المؤسسات التدبيرية الترابية، من أجل تحقيق التنمية وفق تدبير تشاركي. وذلك بفتح المجال أمام مختلف مكونات المجتمع، للمشاركة والمساهمة في التدبير الإداري والمالي للجماعات الترابية. ويمثل مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية، أحد أهم مظاهر وتجليات الحكامة الترابية، المنصوص عليه دستوريا- فضلا عن كونه يشكل منعطفا هاما في مسار تعزيز اللامركزية الإدارية- ويعتبر من أهم مقومات الجهوية المتقدمة، وآلية فعالة لربح الرهانات المطروحة، فيما يتعلق بتنمية الجماعات الترابية وجعلها أقطابا حقيقية للتنمية. فمبدأ التدبير الحر، يعطي نوعا من الحرية للفاعل الترابي لممارسة اختصاصاته، من أجل النهوض بالتنمية المندمجة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وتعزيز سياسة القرب.

وهذا ما أكده الدستور أن “التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن، ويؤمن من مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة”[32] .

نستشف من هذا البنذ، -كما وسبقت لاشارة إلى ذلك- أن الدستور قد وضع القواعد الأساسية لنجاح وتمكين جميع الجهات من التنمية المنشودة، وذلك بالتركيز على مبدأ التدبير الحر، الذي يفيد حرية المجالس المنتخبة، التداول وتنفيذ مقرراتها بكيفية ديمقراطية طبقا لقواعد الحكامة، المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر لشؤون الجهة. كما هو وارد في الدستور على أن”….الجماعات الترابية أشخاص معنوية خاضعة للقانون العام، وتسيير شؤونها بكيفية ديمقراطية… [33]” ونص أيضا :”…. تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر…..[34]“. فالقانون الأسمى للدولة، يضع مبدأ التدبير الحر من بين أهم المبادئ التي يرتكز عليها التنظيم الترابي للمملكة، مما كرس الجماعة الترابية كوحدات حرة، مستقلة، في علاقاتها بمصالح الدولة. ويعزز من احتفاظ الأجهزة التنفيذية اللامركزية بسلطة تنفيذ مداولات مجالس الجماعات الترابية، تنفيذا لمقتضيات الفصل 138 من الدستور[35]، يخول بموجبه للجماعات الترابية في حدود اختصاصاتها سلطة التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها، طبقا لأحكام القوانين التنظيمية للجماعات الترابية التي نصت على:

  • الاستمرارية بين المواطنين في ولوج المرافق العمومية التابعة للجهة.
  • الاستمرار في أداء الخدمات من قبل الجهة وضمان جودتها.
  • تكريس قيم الديمقراطية والشفافية والمحاسبة والمسؤولية.
  • ترسيخ سيادة القانون.
  • التشارك والفعالية والشفافية[36].

لهذا شملت الإصلاحات الأخيرة، الإطار القانوني المنظم لتسيير الجماعات الترابية بمختلف مستوياتها، بواسطة إقرار ترسانة متكاملة من القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية ونصوصها التطبيقية[37]، والتي تهدف في عمقها، إلى إخضاع تدبير الشأن المحلي لقواعد الحكامة المشار إليه أعلاه.

فعمل القانون التنظيمي للجهات، على الاعتماد على نظام الاقتراع المباشر في انتداب أعضاء مجلس الجهة، وتنص المادة 9 منه على أن شؤون الجهة يديرها مجلس، ينتخب أعضاؤه بالاقتراع العام المباشر. و في أحكام القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.173 بتاريخ 21 نونبر 2011؛ تتكون أجهزة الجهة من مكتب و لجان دائمة و كاتب للمجلس و نائبه، و يتألف مكتب المجلس من رئيس و نواب للرئيس.

تجب الإشارة إلى أن اعتماد أسلوب الاقتراع المباشر، يعطي مصداقية للرهانات السياسية الجهوية، و إلى تكريس سلطة جهوية أصلية، وتقوية شرعية الممثلين السياسيين الجهويين، كما سيدفع إلى تعلق السكان بالمؤسسة، عبر التظاهرات التي تحيط بانتخاب المستشارين الجهويين والرهانات التي تمثلها، و يسمح بأن يكون للجهة وظيفة خاصة، و رؤية جهوية لمواجهة مشاكلها. و يعتبر الاقتراع المباشر، من بين التوصيات التي أقرها تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية، من خلال تبني نمط اقتراع يضمن أكثر ما يمكن من الشفافية، و درجة معقولة من قرب المنتخبين الجهويين من الناخبين. وهو مقترح تم العمل به لتقوية التمثيلية، وضمان الديمقراطية التشاركية للمجالس الجهوية[38].

إن مسألة الاستقلال المحلي، ترتبط بمشروع توزيع الاختصاصات بين الدولة والجماعات، إذ أن توزيع الاختصاصات قد يؤدي في العمق إلى تحول مواطن السلطة داخل الدولة، ويقود بلا منازع إلى تكريس للحريات المحلية، لكن يجب أن يكون هذا التوزيع، واضح وأن يمنح للجماعات الترابية صلاحيات مهمة، مع مراعاة السياسات، والاستراتيجيات العامة والقطاعية للدولة في هذه المجالات

فنجد مبدأ التفريع المكرس بموجب الفصل 140 من الدستور من المبادئ الحديثة في الأنظمة اللامركزية، الذي نص على:” الجماعات الترابية، وبناءً على مبدأ التفريع، اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة، واختصاصات منقولة إليها من هذه الأخيرة…..”

و لهذه الغاية، تمارس الجهة اختصاصات ذاتية و اختصاصات مشتركة مع الدولة، و أخرى منقولة لها من طرف هذه الأخيرة…[39]

الاختصاصات الذاتية للجهة (المادة 81):

  • التنمية الاقتصادية: دعم المقاولات، تنظيم مناطق الأنشطة الاقتصادية، تهيئة الطرق، جذب الاستثمارات، إنعاش الاقتصاد الاجتماعي و المنتجات الجهوية.
  • تنمية مجال التكوين المهني و التكوين المستمر و الشغل: إحداث مراكز جهوية للتكوين، و كذا مراكز جهوية للتشغيل، و تطوير الكفاءات من أجل الإدماج في سوق الشغل، الإشراف على التكوين المستمر لفائدة أعضاء المجالس وموظفي الجماعات الترابية.
  • التنمية القروية: إنعاش الأنشطة غير الفلاحية في الوسط القروي، بناء الطرق و صيانتها، تنظيم خدمات النقل الطرقي.
  • التنمية الثقافية و البيئية: المحافظة على المواقع الأثرية، تنظيم المهرجانات الثقافية، تهيئة و تدبير المنتزهات الجهوية، وضع استراتيجية جهوية لاقتصاد الطاقة و الماء، يمكن للجهة إبرام اتفاقيات مع فاعلين خارج المملكة في إطار التعاون الدولي و الحصول على تمويلات.

الاختصاصات المشتركة (المادة 91).

  • ـالتنمية الاقتصادية: التنمية المستدامة و الشغل و تقوية التنافسية.
  • التنمية الاجتماعية: التأهيل الاجتماعي، المساعدة الاجتماعية، إعادة الاعتبار للمدن، إنعاش السكن الاجتماعي، إنعاش الرياضة و السياحة.

التنمية القروية:

  • ـحماية البيئة و المحافظة على الموارد المائية و المناطق المحمية.
  • مجال الثقافة، بإحداث المؤسسات الثقافية، صيانة الآثار و إنعاش السياحة.

الاختصاصات المنقولة (المادة 94):

تحدد اعتمادا على مبدإ التفريع مجالات الاختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهة، و تشتمل هذه المجالات بصفة خاصة؛

  • التجهيزات و البنيات التحتية ذات البعد الجهوي،
  • الصناعة، التجارة،
  • الصحة، التعليم، الثقافة، الرياضة،
  • الطاقة، الماء والبيئة.

لهذا تتبوأ الجهة تحت إشراف رئيس مجلسها، مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى، في عمليات إعداد، و تتبع برامج التنمية الجهوية، و التصاميم الجهوية لإعداد التراب في نطاق احترام الاختصاصات الذاتية لهذه الجماعات الترابية.

من أجل إنزال طموح التنمية المندمجة للجهة باعتبارها جماعة ترابية، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وبلورة برامج تنميتها على أرض الواقع وجعلها قابلة للتنفيذ، فإنها ستكون أول من يستفيد من دعم الدولة، ومن أنظمة تمويل الهيئات والمؤسسات، طبقا لمقتضيات القانون المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات وهيئاتها. فالدولة مدعوة لرصد موارد مالية تتناسب والاختصاصات المسندة إليها، بالإضافة إلى تدعيم هذا الجانب بإحداث صندوقين للجهات[40] هما :

  • صندوق التأهيل الاجتماعي؛
  • صندوق التضامن بين الجهات؛

فالجهاز  الأول، يهدف إلى الإسراع بسد مظاهر العجز الكبرى، في النواحي المرتبطة مباشرة بالتنمية البشرية، والتي تتقاطع بشكل واضح مع مجالات اختصاص الجهات. وقد وضحت المادة 229 من القانون التنظيمي للجهات كل ما يتعلق بهذا الصندوق.

أما ما يخص صندوق التضامن بين الجهات، فكان الهدف منه حسب ما جاء في المادة 234 من قانون 14-111،  الحد من التفاوتات الناجمة عن تركيز الثروة، وعن النمو غير المتكافئ للمجالات الترابية للجهات، وكذلك عن الفوارق الجغرافية والديمغرافية بينها، وعن مستوى البنيات التحتية الموجودة بكل منها[41].

بالإضافة إلى هذين الصندوقين، المحدثين على المستوى الدستوري، والمدعمين للتنمية الجهوية الشاملة. فقد حث وخصص مشروع القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، الباب الثاني من قسمه الرابع، لما يسمى “الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع[42]“، حيث حدد كيفية إحداث الوكالة ومهامها، وأجهزة الوكالة، والتنظيم المالي الخاص بها. وذلك  لتمكين مجالس الجهات من تدبير شؤونها، يحدث لكل جهة تحت اسم “الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع”، شخص اعتباري خاضع للقانون العام، يتمتع بالاستقلال الإداري والمالي يشار إليه باسم “الوكالة”، تخضع الوكالة لوصاية مجلس الجهة؛ و يكون الغرض من هذه الوصاية؛ العمل على احترام أجهزتها المختصة لأحكام هذا القانون التنظيمي، و خاصة ما يتعلق منها بالمهام المنوطة بها.

تتولى الوكالة القيام بما يلي:

  • مد مجلس الجهة كلما طلب رئيسه ذلك، بكل أشكال المساعدة القانونية و الهندسة التقنية و المالية، عند دراسته و إعداد المشاريع و برامج التنمية.
  • تنفيذ مشاريع وبرامج التنمية التي يقرها مجلس الجهة، ويمكن لمجلس الجهة أن يعهد إلى الوكالة، باستغلال أو تدبير بعض المشاريع لحساب الجهة. طبقا للشروط والكيفيات التي يحددها بمقرر، ويمكن للوكالة (المادة 145) أن تقترح على مجلس الجهة، إحداث شركة من شركات التنمية الجهوية[43] .

يمكن للجهة و مجموعاتها و مجموعات الجماعات الترابية المنصوص عليها، إحداث شركات مساهمة تسمى “شركات التنمية الجهوية أو المساهمة  في رأسمالها باشتراك مع شخص أو عدة أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام أو الخاص.

من خلال ما تم رصده في جانب مكونات الجهة، يتضح بأن الحكامة الترابية بكل حمولتها، هي الإطار الامثل الذي يجب أن تعمل ضمن مبادئها كل الاجهزة المكونة للجهة إلى جانب إدارات عدم التمركز، وكل من القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية ومكونات المجتمع المدني، يلتزموا جميعهم بمعاييرها في تدبير المرافق والمصالح التي يشرفون عليها من أجل تحقيق التنمية الشاملة في بعدها الجهوي.

كما يلاحظ أن عدد التكتلات الاقتصادية الجهوية ازداد تمركزا وقوة في الآونة الأخيرة، زيادة على ما أصبحت تعرفه دول العالم، من تبني خيار الديمقراطية التشاركية التوافقية، لتحقيق ذاتها من جهة، وتلبية مطالبها وحاجياتها الملحة من جهة أخرى. وبناءً عليه فخطة إصلاح اللاتمركز الإداري، والتي تهدف الإرتقاء بهذا النظام إلى واقع عملي ملموس يرتكز على أسس عملية ملموسة ترتكز على أسس وقواعد قانونية واضحة، من أجل تحقيق توازن وتكامل وظيفي بينه وبين اللامركزية الجهوية[44].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

فطبقا لدستور 2011 وكذلك القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات أصبحت الجهات تتمتع باختصاصات واسعة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وبالتالي أصبح مطلوبا منها أن تبتكر آليات ووسائل لإيجاد الحلول للمعضلات التي يعيشها المغرب، حيث تزخر الجهات اليوم بموارد كثيرة سواء على المستوى الطبيعي أو المستوى الثقافي، وبالتالي عندما نتحدث اليوم عن اللاتمركز الإداري، فذلك يعني ضرورة حل كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المستوى الجهوي.  ومن هنا تظهر أهمية المراكز الجهوية للاستثمار في تشجيع التنمية الاقتصادية والتشغيل، عوض أن تبقى عالة على المركز.

إذا كانت الجهوية، كما قال الملك محمد السادس الذي جعل من اللاتمركز الإداري محطة أساسية، وفكرة متكررة في معظم خطاباته، تعد ” تحولا نوعيا في أنماط الحكامة الترابية”، فإن إطلاق الجهوية المتقدمة ستمكن من توطيد الحكامة الترابية الجيدة والتنمية المندمجة”.

ولتعزيز الحكامة الترابية، نجد برامج التنمية الجهوية، باعتبارها منطلقا لتحقيق الاندماج والالتقائية بين التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة والحاجيات التنموية على المستوى الجهوي، من خلال تنسيق الأعمال التنموية المقرر برمجتها أو إنجازها بتراب الجهة، لتحقيق تنمية جديدة، وفق منهاج تشاركي كذلك التصميم الجهوي لإعداد التراب، باعتباره الوثيقة المرجعية للتهيئة المجالية لمجموع التراب الجهوي، الذي يرمي على وجه الخصوص، الى تحقيق التوافق بين الدولة والجهة حول تدابير التهيئة المجالية، وتأهيله وفق رؤية إستراتيجية واستشرافية، بما يسمح بتحديد توجهات واختيارات التنمية الجهوية، وذلك بواسطة وضع الإطار العام للتنمية الجهوية المستدامة بالمجالات الحضرية والقروية، كذلك إحداث حسابين خصوصيين للخزينة: يتمثلان في صندوق التأهيل الاجتماعي الذي يهدف إلى سد العجز في مجال التنمية البشرية والبنية التحتية، وصندوق التضامن بين الجهات الذي يهدف لضمان التوزيع العادل للموارد، بغية تقليص الفوارق بين الجهات.

إذا فيظهر وبشكل جلي أن هناك ارتباط وطيد وكبير بين النموذج التنموي الجديد الذي يريده المغرب وبين الجهوية المتقدمة، إذ لا يمكن أن نتحدث عن تنزيل المضامين وركائز الجهة بدون تنمية شاملة، كما لا يمكن وضع نموذج تنموي بدون تنزيل القانون المرتبط بالجهات، أو إنزال ميثاق اللاتمركز الإداري .

وهذا ما يظهر تأكيده على رسالة جلالة الملك محمد السادس، إلى المشاركين في الدورة الرابعة لمنتدى”كرانس مونتال”، التي احتضنتها الداخلة مارس 2018، أنه تم اختيار الجهوية المتقدمة لتكون محور النموذج التنموي الاقتصادي المغربي، ومما جاء فيها أن” الجهوية المتقدمة ليست مجرد تدبير ترابي أو إداري، بل هي تجسيد فعلي لإرادة قوية على تجديد بنيات الدولة وتحديثها، بما يضمن توطيد دعائم التنمية المندمجة لمجالاتها الترابية.

ولذلك أصبح البعد المجالي، ركيزة أساسية للنموذج التنموي الجديد، لحل العديد من المعضلات الاجتماعية والاقتصادية، وإرساء عدالة مجالية. يمكنها تحقيق استدامة النموذج الوطني في الإصلاح وفي الاستقرار، واستثمار إمكانيات كل جهة أو إقليم، وإحداث توزيع عادل للثروات، والتخفيف من ثقل تمركز إنتاج الثروات في جهة أو جهات بعينها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع المعتمدة:

الكتب:

  • رشيد ملوكي: التقطيع الجهوي ومسلسل التشكل الترابي بالمغرب(السياقات،والابعاد والوظائف)مطبعة الامنية الرباط 2017 ص 148.
  • مولاي محمد البوعزاوي، تحديث الادارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية،منشورات مجلة العلوم القانونية مطبعة الامنية الطبعة الاولى 2015
  • عبد العزيز أشرقي، الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع الجهوية المتقدمة، مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى سنة 2014، ص 195.

 

المجلات:

  • محمد الشريف بنخي الرقابة الإدارية والقضائية على أعمال الجماعات الترابية: أي تكريس لمبدأ فصل السلط. المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية العدد 122، سنة 2016.
  • رضوان زهرو، نموذجنا التنموي من أجل تعاقد جديد، منشورات مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، مطبعة النجاح الجديدة سنة 2019

القوانين:

  • الدستور الجديد 2011.
  • قانون الجهة 111.14

 

الخطب الملكية:

  • الخطاب الملكي: بمناسبة افتتاح الدورة الاولى من السنة التشريعية الثانية، من الولاية التشريعية العاشرة بتاريخ 13 أكتوبر 2017.
  • مقتطف من خطاب العرش 31 يوليوز 2011.
  • الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب بتاريخ 2011/08/20.
  • الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين لثورة الملك بتاريخ 20/08/2010.
  • خطاب طنجة بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتلائه العرش.

 

البحوث الجامعية

 

  • فيصل شاكر، الجهوية المتقدمة أية افاق في تحقيق التنمية المجالية، بحث لنيل الاجازة المهنية، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش سنة 2017-2018 ص 56.
  • محمد العبيد :الجهوية المتقدمة ورش ملكي من أجل مغرب متقدم ومتوازن الجهات، جامعة ابن الزهر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية أكادير السنة دراسية 2014-2013.
  • مريم فضال، الادراة العمومية بالمغرب بين مطلب التحديث ورهان التنمية، أطروحة لنيل الدكتوراه جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة السنة الجامعية 2014-2015.

 

المواقع الالكترونية:

  • asabbah. Com
  • zagourapress.com
  • mawdou3.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] – مقتطف من الخطاب الملكي الذي وجهه الملك إلى الامة بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب بتاريخ 2011/08/20.

[2] – رشيد ملوكي: التقطيع الجهوي ومسلسل التشكل الترابي بالمغرب(السياقات،والابعاد والوظائف) مطبعة الامنية الرباط 2017 ص 148.

[3] – الخطاب الملكي: بمناسبة افتتاح الدورة الاولى من السنة التشريعية الثانية، من الولاية التشريعية العاشرة بتاريخ 13 أكتوبر 2017.

[4] – الفصل 136 من الدستور الجديد.

[5] – رشيد ملوكي: التقطيع الجهوي ومسلسل التشكل الترابي بالمغرب(السياقات،والابعاد والوظائف) مرجع سابق ص 204.

[6] –  مولاي محمد البوعزاوي، تحديث الادارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية،منشورات مجلة العلوم القانونية مطبعة الامنية الطبعة الاولى 2015 ص 144.

[7] – رشيد ملوكي: التقطيع الجهوي ومسلسل التشكل الترابي بالمغرب(السياقات،والابعاد والوظائف) مرجع سابق ص 197.

[8] – مولاي محمد البوعزاوي، تحديث الادارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية،مرجع سابق ص 141.

[9] – محمد الشريف بنخي الرقابة الإدارية والقضائية على أعمال الجماعات الترابية: أي تكريس لمبدأ فصل السلط. المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية العدد 122، سنة 2016 ص 320.

[10]– مولاي محمد البوعزاوي، تحديث الادارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية، مرجع سابق ص 145.

[11] – مقتطف من نص الخطاب الموجه الى الامة بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين لثورة الملك بتاريخ 20/08/2010.

[12] – خطاب طنجة بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتلائه العرش.

[13] – عبد العزيز أشرقي، الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع الجهوية المتقدمة، مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى سنة 2014، ص 195.

[14] – فيصل شاكر، الجهوية المتقدمة أية افاق في تحقيق التنمية المجالية، بحث لنيل الاجازة المهنية، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش سنة 2017-2018 ص 56.

[15] – الفصل الاول من الدستور:” التنظيم الترابي للمملكة تنطيم لا مركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة”.

[16] – من الفصل 135-146 من الدستور الجديد.

[17]–  الكيرع المهدي ، باحث في علم السياسة والقانون الدستوري، مقومات النظام الجهوي في المغرب، منشور على الرابط : www.mawdou3.com

[18] – مولاي محمد البوعزاوي، تحديث الادارة الترابية بالمغرب نحو ترسيخ الديمقراطية وكسب رهان التنمية، مرجع سابق ص 159.

[19] – مقتطف من خطاب العرش 31 يوليوز 2011.

[20] – مقتطف من نص الخطاب الملكي الذي وجهه جلالة الملك إلى الامة بمناسبة الذكرى 33 للمسيرة الخضراء بتاريخ 2008/11/06.

[21]– فيصل شاكر: الجهوية المتقدمة أية افاق في تحقيق التنمية المجالية، مرجع سابق ص 49.

[22]– رشيد ملوكي: التقطيع الجهوي ومسلسل التشكل الترابي بالمغرب (السياقات،والابعاد والوظائف) مرجع سابق ص 184.

[23] – محمد العبيد وآخرون: الجهوية المتقدمة ورش ملكي من أجل مغرب متقدم ومتوازن الجهات، جامعة ابن الزهر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية أكادير السنة دراسية 2014-2013  ص 11.

[24] – عبد العزيز أشرقي، الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع الجهوية المتقدمة، مرجع سابق ص 213.

[25] – أهمية ميثاق اللاتمركز الإداري مشور على الرابط التالي www.zagourapress.com

[26] – رشيد ملوكي، التقطيع الجهوي ومسلسل التشكل الترابي بالمغرب، مرجع سابق ص 187.

[27] – عبد العزيز أشرقي، الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع الجهوية المتقدمة، مرجع سابق ص 211.

[28] – رضوان زهرو، نموذجنا التنموي من أجل تعاقد جديد، منشورات مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، مطبعة النجاح الجديدة سنة 2019          ص 13.

[29] – مريم فضال، الادراة العمومية بالمغرب بين مطلب التحديث ورهان التنمية، أطروحة لنيل الدكتوراه جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة السنة الجامعية 2014-2015 ص165.

[30] –  رضوان زهرو، نموذجنا التنموي من أجل تعاقد جديد، مرجع سابق  ص 13.

[31] – الخطاب الملكي: بمناسبة افتتاح الدورة الاولى من السنة التشريعية الثانية، من الولاية التشريعية العاشرة بتاريخ 13 أكتوبر2017.

[32] – الفصل 136 من الدستور الجديد.

[33] – الفصل 135 من الدستور الجديد

[34] – الفصل 146 من الدستور الجديد

[35] – جمال أمقران: مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية بالمغرب مقال منشور على الرابط التاليwww.asabbah. com

[36] – المادة 143 من القانون التنظيمي للجهات 14-111

[37] – رضوان زهرو، نموذجنا التنموي من أجل تعاقد جديد، مرجع سابق ص 158

[38] – للمزيد من الاطلاع في هذا الباب أنظر الرابط التالي www.maghress.com

[39] – المادة 80 من القانون التنظيمي 14-111 الخاص بالجهات

[40] – الفصل 142 من الدستور: “يحدث لفترة معينة ولفائدة الجهات صندوق للتأهيل الاجتماعي، يهدف إلى سد العجز في مجالات التنمية البشرية، والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات. يحدث أيضا صندوق للتضامن بين الجهات، بهدف التوزيع المتكافئ للموارد، قصد التقليص من التفاوتات بينها”.

[41] – عبد العزيز أشرقي، الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع الجهوية المتقدمة، مرجع سابق، ص212

[42] –  الفصل 128 إلى 144 من القانون التنظيمي للجهات،  كيفية إحداث الوكالة و مهامها، أجهزة الوكالة، التنظيم المالي وأحكام متفرقة خاص بها.

[43] – لا تخضع شركات التنمية الجهوية لأحكام المادتين 8 و 9 من القانون رقم 39.89 المؤذن بموجبه في تحويل منشآت عامة إلى القطاع الخاص (المادة 145). ينحصر غرض الشركة في حدود الأنشطة الاقتصادية ذات الطبيعة الصناعية و التجارية التي تدخل في اختصاصات الجهة و مجموعاتها، و مجموعات الجماعات الترابية باستثناء تدبير الملك الخاص للدولة. بالإضافة إلى   و تحدث هذه الشركات لممارسة الأنشطة ذات الطبيعة الاقتصادية التي تدخل في اختصاصات الجهة، أو تدبير مرفق عمومي تابع للجهة.

[44] –  مريم فضال، الادراة العمومية بالمغرب بين مطلب التحديث ورهان التنمية مرجع سابق ص 134.

قد يعجبك ايضا