إسهام الأزمات الأخلاقية في تنامي الأخبار الزائفة

المعلومة القانونية

*سعيد شرو

خريج ماستر القانون الدولي الخاص والهجرة.

لطالما علمنا أن ما فسد في النفوس لا تصلحه كثرة التشريعات والنصوص، وتعتبر جريمة ترويج أخبار زائفة من الجرائم القديمة قدم الإنسان وتنامت وتطورت بفعل تغير الأزمنة والأمكنة والمجتمعات، ولعلها جريمة ذات طابع اجتماعي أخلاقي محض ولا استفادة لفاعلها سوى التحلل الأخلاقي وزرع الفتن.. وحتى إن كانت صحيحة نسبيا فهي تعتبر من الحياة الخاصة… والظن بأن ترويجها يعلي من شأنه ويحط من كرامة ضحيتها زد على ذلك الوصم الإجتماعي.

وفي يومنا اصبح الفرد يخاف في كل نشاط يقوم به سواء تعلق بهوايته او حياته الخاصة من التشهير ونشر أخبار زائفة لا علاقة لها بواقع ما فعله. وهو ما يمس باستشعار الأمن والحرية في إطار القانون طبعا ودون ان تنصرف لحرية الآخرين.

إن الأمن المجتمعي وصون الحياة الخاصة للأفراد من ركائز الاستقرار والتلاحم داخل المجتمع، ولعل ما يجعل الدول تتطور وترتقي إلى مصاف القوى العظمى معلق بشكل كبير ومرتبط بالسلوكيات الرائجة بين الأفراد داخل الوطن…والتي تؤثر إما سلبا أو إيجابا في السير المنتظم والمنهج القويم الذي يعلي من شان الفرد داخل المجتمع لبناء دولة قائمة على التوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة.

وما نعيشه منذ سن حالة الطوارئ الصحية يدعو الجميع للتساؤل حول الأزمة التي نعيشها وهي أزمة أخلاقية، فالقانون كالدواء كثرته قد تقتل مباشرة بعد ظهور الأعراض الجانبية، وقلته لا تفي بالغرض مما يعني أن القانون لا يمكن إطلاقا ان يكون الحل الوحيد لاسيما في مثل هذه الجريمة والتي يكون فيها رادعا وهو ما ولا يرجع الحال إلى ما كان عليه، كما لا يضمن تتبع وضعية الضحية واثار الخبر الزائف في محيطها كما أن القانون يضمن المطالبة بالحق المدني ويقضي بها دون تتبع للصحة النفسية.

ولابد أن نشير إلى دور الوسائط الاجتماعية في تنامي وسرعة انتشار الأخبار الزائفة بغير قصد وهو ما يتم نقله عن منقول فيقتل الحي بتدوينة و يفضح ستر الله على العبد بنشر مقطع له في وضعية تحرجه ووحده الله الكفيل بحسابه ما لم يخرق القانون… أو بقصد لاسيما في أغراض انتقامية مقيتة هدفها تشويه سمعة الأفراد وإحراجهم وإضعافهم داخل وسطهم… والعجب أن إسقاط سمعة الغير لا ترفع من اسقطها بل تؤكد حالته النفسية والأخلاقية الشاذة في زرع التشاؤم و العداوة.

إننا اليوم في حاجة لمزيد من التوعية والتخليق وفق برنامج طموح يسعى لتثمين الفرد داخل المجتمع والتجاوز عن حياته الخاصة وضمان حمايتها من كل تهديد أو تشويه باعتماد مقاربة وقائية لا ردعية كي تجتث مثل هذه السلوكيات من الأصل بدراسة أسبابها ومسبباتها وليس الاقتصار على الردع، فلطالما عوقب ناشرو الأخبار الزائفة بعقوبات حبسية وغرامات مالية وفق السلطة التقديرية للجهة القضائية المختصة، لكن هل تم القضاء على نشر الاخبار الزائفة !!! ولا يمكن إطلاقا ان نلوم القانون عن تنامي ظاهرة الأخبار الزائفة بل الأولى ان نعالج أزمة الأخلاق والأعراف البغيضة التي ترمي إلى إضعاف الفرد داخل مجتمعه، كما تسعف غي تحقيق التنمية والاستقرار واستشعار الأمن داخل الوطن.

قد يعجبك ايضا