المشروع الوطني لتعميم التغطية الاجتماعية في المغرب: الحيثيات والدلالات

المعلومة القانونية

*محمد البغدادي

باحث في مركز الدكتوراه،

في تخصص القانون الخاص،

كلية الحقوق بطنجة.

من الواضح جدا أن المراد من الحماية الاجتماعية هي تلك المجهودات المقامة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والنفسي للمواطنين والمواطنات وتحسين جودة الحياة وتقليل المخاطر ودعمهم عند الحاجة في مراحل حياتهم المختلفة ، كما تأتي أهمية هذا القرار الملكي المتعلق بتعميم التغطية الاجتماعية على المغاربة في ظرفية استثنائية وخاصة ، حيث صادق المجلس الوزاري على مشروع قانون الإطار يتعلق بالحماية الاجتماعية بتاريخ يوم الخميس 11 فبراير 2021 ، وذلك لما خلفه كوفيد 19 من تداعيات وتأثيرات على الجوانب النفسية والصحية والاقتصادية والاجتماعية لجميع أفراد المجتمع، ولما يطبع  منظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب التشتت والضعف في مستوى التغطية والنجاعة ، وكذا  عدم إدماج القطاع غير المهيكل وتعثر الحوار الاجتماعي و عدم ملائمة مدونة الشغل لمتطلبات التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمجالية التي هي بلا شك من مرتكزات إعمال وأجرأة النموذج التنموي الجديد.

وفي هذا السياق ، أكدت الخطب الملكية السامية على ضرورة أجرة وتنزيل الإجراءات المنصبة على تعميم التغطية الاجتماعية بالمغرب، بدءا من الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد المؤرخ في 29 يوليوز2018  الذي طالب بإحداث السجل الاجتماعي الموحد  والتعجيل  بإنجاح الحوار الاجتماعي لما له من أبعاد ودلالات سياسية واقتصادية واجتماعية، حيث شدد العاهل المغربي الملك محمد السادس على دعوة مختلف الفرقاء الاجتماعيين إلى جانب الحكومة والفرقاء الاقتصاديين، إلى استحضار المصلحة العليا، والتحلي بروح المسؤولية والتوافق، قصد بلورة ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام، بما يضمن تنافسية المقاولة، ويدعم القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة، بالقطاعين العام والخاص، ومرورا بالخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد المؤرخ في 29 يوليوز 2020 الذي أعلن عن إطلاق عملية حازمة، لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، خلال الخمس سنوات المقبلة، وذلك ابتداء من يناير 2021، وفق برنامج عمل مضبوط، بدءا بتعميم التغطية الصحية الإجبارية، والتعويضات العائلية، قبل توسيعه، ليشمل التقاعد والتعويض عن فقدان العمل، ووصولا إلى الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة المؤرخ في 9 أكتوبر 2020 الذي يؤكد ويعزز المكتسبات الحمائية بشأن تعميم التغطية الاجتماعية إلى جانب ضرورة تحديد أجندة زمنية لهذا الورش الاجتماعي الكبير ، حيث يرتكز على أربعة مكونات أساسية:

– أولا: تعميم التغطية الصحية الإجبارية، في أجل أقصاه نهاية 2022، لصالح 22 مليون مستفيد إضافي، من التأمين الأساسي على المرض، سواء ما يتعلق بمصاريف التطبيب والدواء، أو الاستشفاء والعلاج.

– ثانيا: تعميم التعويضات العائلية، لتشمل ما يقارب سبعة ملايين طفل في سن الدراسة، تستفيد منها ثلاثة ملايين أسرة.

– ثالثا: توسيع الانخراط في نظام التقاعد، لحوالي خمسة ملايين من المغاربة، الذين يمارسون عملا، ولا يستفيدون من معاش.

-رابعا: تعميم الاستفادة من التأمين على التعويض على فقدان الشغل، بالنسبة للمغاربة الذين يتوفرون على عمل قار.

ومن الملاحظ أن مذكرة تقديمية لمشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية تتكون من ديباجة و من 4 أبواب في المواد من 1 إلى 19، حيث استحضرت هذه الديباجة التوجهات الملكية لتعميم التغطية الاجتماعية، في حين أن الباب الأول ركز بالخصوص على الأحكام العامة بدءا بالفصلين 31 و71 من دستور 2011 ومرورا بمدلول الحماية الاجتماعية حسب المادة 2 من نفس المشروع، والذي ركز على الحماية من مخاطر التأمين ومن المخاطر المرتبطة بالطفولة وتخويل تعويضات جزافية لفائدة الأسر التي لا تشملها الحماية والمخاطر المرتبطة بالشيخوخة ومخاطر فقدان الشغل، كما شدد على التشبت بمبادئ الحماية الاجتماعية حسب المادة 3 من المشروع ذاته ، وعلى وجه التحديد مبدأ التضامن ومبدأ عدم التميز في الولوج الى خدمات الحماية الاجتماعية ومبدأ الاستباق ومبدأ المشاركة بين مختلف الفاعلين في السياسات الاجتماعية، ووصولا إلى الباب الثاني الذي نص بشكل واضح على آليات التمويل من خلال الاشتراك والتضامن حسب المادة 11 من المشروع نفسه، وكذا الباب الثالث الذي شدد على آليات الحكامة بين مختلف الفاعلين في الشأن الاجتماعي ، هذا فضلا عن الباب الرابع الذي ينص على أحكام ختامية في المواد من 17 إلى 19 من ذات المشروع.

قد يعجبك ايضا