قراءة في إحصائيات تفعيل تجربة المحاكمات عن بعد: السياقات والمآلات

المعلومة القانونية

*محمد البغدادي

باحث في مركز الدكتوراه 

في تخصص القانون الخاص

كلية الحقوق بطنجة.

  مازال موضوع المحاكمات عن بعد موضوعا جدليا يستحوذ اهتمام الشأن العام في ظل أزمة كوفيد 19 و تطورات ومستجدات الساحة القانونية والقضائية والحقوقية التي تشهدها بلادنا، حيث وصلت عدد الجلسات التي تم عقدها إلى 14161 وعدد القضايا المدرجة في محاكم المملكة إلى 266159 ، وذلك تماشيا مع إحصائيات تفعيل المحاكمات عن بعد خلال الفترة الممتدة من 17 أبريل 2020 إلى غاية 29  يناير 2021، الأمر الذي يعكس إيجابا على مدى الجهود والمساعي الحميدة لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل بشأن وضعية التقاضي عن بعد بمختلف الفاعلين في الحقل القضائي، وذلك تفعيلا لتوجهات العاهل المغربي الملك محمد السادس باعتباره رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية وهو الذي يضمن استقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وفي هذا السياق، وبالرغم من الجهود الدؤوبة في تحسين جودة الخدمات القضائية والتدابير والإصلاحات التي اعتمدتها في تفعيل وتنزيل التقاضي عن بعد على أرض الواقع، إلا أن مشروع المحكمة الرقمية في أفق 2021 أبان بشكل واضح عن ضرورة إخراجه إلى حيز الوجود في ظل المرحلة الراهنة وما تعرفه من تداعيات الجائحة التي لا نعرف متى ستنتهي ، إذ يتطلب تنزيل المشروع ترسانة من الإجراءات القبلية، لعل أولها يتعلق بتعديل الإطار القانوني المتعلق بالتنظيم القضائي  والمسطري  سواء في قانوني المسطرة المدنية والجنائية من حيث نزع التجسيد المادي للإجراءات والمساطر القضائية، ثم تأهيل العنصر البشري وفق تكوين مساير لفلسفة المشروع ويشمل كل الفئات المعنية في العملية القضائية، قصد الانخراط الكلي من أجل إنجاح المشروع في شموليته، ثم إعداد البنية التحتية الرقمية التكنولوجية للإدارة القضائية، ووضع قاعدة للبيانات لكل المنتسبين لقطاع العدالة، ناهيك عن مجموعة من التدابير المتعلقة باعتماد الأداء الإلكتروني كأداء الرسوم والمصاريف القضائية والغرامات.

  ونظرا لدور المغرب في الانخراط الايجابي في  أجندة الاقتصاد الرقمي والاهتمام الملكي بتدفق وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى الأقاليم الجنوبية المغربية، وخاصة في مديني العيون والداخلة والإسراع في إخراج النموذج التنموي الجديد، فإنه يبقى التساؤل الكبير الذي يطرح بحدة:إلى متى سيستمر الوضع على حاله في ظل أن المغرب مقبل على تحديات جيو استراتيجية وسياسية سواء على صعيد القاري أو الوطني؟ وبعبارة أخرى هل سيستطيع المغرب تحقيق هذه التحديات الكبرى في ظل هذا الوباء الذي لا نعرف متى سينتهي ؟

قد يعجبك ايضا