خلفيات وأبعاد إحداث المرصد الإفريقي للهجرة

المعلومة القانونية

*محمد البغدادي

باحث في مركز الدكتوراه،

تخصص القانون الخاص،

كلية الحقوق بطنجة.

إن مشكلة الهجرة و اللجوء تعد من المشكلات التي تؤرّق الضمير الإنساني ، بل من التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي في الوقت الراهن، و أصبحت هذه المشكلة اليوم من أكثر القضايا إلحاحاً خاصة مع تزايد عدد المهاجرين و اللاجئين، بسبب الحروب والإرهاب والتطرف والجريمة و الفقر و المجاعة و حالات العنف المعمم والكوارث الطبيعية وانتهاكات حقوق الإنسان وانعدام الأمن و الاستقرار في كثير من دول العالم ، خاصة بإفريقيا و آسيا.

ويعد المغرب من الدول التي تستقبل عددا كبيرا من المهاجرين نظرا لنوقه الاستراتيجي، وأيضا لما يحظى به من أمن و استقرار، حيث تحوّل  خلال السنوات الأخيرة من بلد العبور إلى بلد استقبال و إقامة للمهاجرين .

فبعدما كان المغرب جسر عبور نحو أوروبا للعديد من المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء، أصبح لهم اليوم بلدًا للاستقرار.

وبما أن المغرب دولة تلتزم باحترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، حسب ما هو مقرر في الدستور، بالإضافة إلى التزاماته الدولية في مجال الهجرة وحقوق المهاجرين، ووعيا منه بحجم التغيرات الإستراتجية ، فإن ذلك جعله ينخرط منذ 10 شتنبر 2013 في وضع استراتيجية و طنية في مجال الهجرة واللجوء، إنسانية في فلسفتها، يقودها جلالة الملك محمد السادس، تروم إلى تسوية أوضاع المهاجرين السريين المقيمين بالمغرب في سبيل إعادة إدماجهم وتمكينهم من حقوقهم الإنسانية، سواء في العيش الكريم أو الصحة أو التعليم أو الشغل.

وفي خضم هذه التحديات الراهنة التي تعرفها القارة الإفريقية ، أشرف وزير الشؤون الخارجية     والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، ومفوضة الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الإفريقي، السيدة أميرة الفاضل، يوم الجمعة 18 دجنبر  2020، على افتتاح المرصد الإفريقي  للهجرة.

وتم إن إنشاء هذا المرصد الإفريقي للهجرة باقتراح من العاهل المغربي الملك محمد السادس ، بصفته رائدا لإفريقيا في موضوع الهجرة في يناير 2018، بمناسبة القمة الثلاثين للاتحاد الإفريقي.

وسيوفر هذا المرصد للقارة الإفريقية أداة فعالة تسمح لها بالاستجابة لحاجاتها الحقيقية والملحة وفهم وإتقان أفضل لظاهرة الهجرة، وكذا لتطوير عملية جمع وتحليل وتبادل المعلومات بين البلدان الإفريقية.

ومن خلال نظام مترابط يشمل مختلف المناطق الفرعية والبلدان الإفريقية، يسعى مرصد الهجرة إلى مشاركة البيانات التي تم جمعها بهدف تحسين حالة المهاجرين وتعزيز العلاقة بين الهجرة والتنمية.

وفي كلمة له خلال ندوة صحافية مشتركة عقب مراسم التدشين، أكد السيد بوريطة أن المرصد الإفريقي للهجرة الذي يقوم على “مهمة ثلاثية” تتجلى في الفهم والاستشراف والاقتراح، يعد “ثمرة سنتين من العمل الدؤوب والتعاون المثمر للمملكة مع مفوضية الاتحاد الإفريقي “.

كما شدد السيد الوزير على أن هذا الافتتاح قد جاء في “الوقت المناسب” على اعتبار تزامنه مع اليوم العالمي للمهاجرين المؤرخ في 18 دجنبر2020 ، كما يوجه “رسالة قوية” للمجتمع الدولي بشأن عزم المغرب وإفريقيا على إرساء حوكمة أفضل للهجرة على المستوى القاري.

وبخصوص استضافة الرباط لمقر المرصد الإفريقي للهجرة، قال السيد بوريطة إن افتتاح المرصد يعد حدثا هاما على اعتبار “أنها أول مؤسسة تابعة للاتحاد الإفريقي يحتضنها المغرب منذ عودته إلى الاتحاد”، وأضاف “إنه يمكن للقارة الإفريقية الآن أن تفتخر بالتوفر على مرصد للهجرة خاص بها بغية  تعزيز الحوكمة في مجال الهجرة”.

من جانبها، أعربت السيدة أميرة الفاضل نيابة عن جميع الأفارقة في القارة عن “امتنانها العميق” لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وللمملكة على الدعم والموارد المتاحة للمرصد، مشددة على أنه ” لولا هذا الدعم، لما تم افتتاح هذا المرصد الذي سيصبح مركز امتياز على الصعيد الدولي “.

وقالت السيدة الفاضل، إن هذا المرصد يمثل بداية الجهود نحو توليد بيانات متوازنة وذات صلة باحتياجات إفريقيا في مجال الهجرة، مشيرة إلى أن الهجرة المُدارة بشكل جيد يمكن أن تعود بالنفع على التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدول سواء المرسلة أو المستقبلة للمهاجرين.

ومن أجل نظام شامل لإدارة الهجرة في إفريقيا، أعلنت السيدة الفاضل أن مفوضية الاتحاد الإفريقي تخطط لفتح هيئتين أخريين مخصصتين للهجرة وهما مركز للدراسات والأبحاث في باماكو بمالي ومركز عملياتي قاري في الخرطوم بالسودان.

قد يعجبك ايضا