التحديات الجيو استراتيجية لمكافحة الإرهاب والجريمة في ضوء تطورات الساحة الدولية والوطنية

المعلومة القانونية

*محمد البغدادي

باحث في مركز الدكتوراه

في تخصص القانون الخاص

كلية الحقوق بطنجة.

تشكل ظاهرة الإرهاب[1] والتطرف[2] والجريمة [3] أولوية الأولويات والتي تعد من أكثر

القضايا الأمنية التي تحظى بالمتابعة والاهتمام والعناية في الساحة الدولية بما في ذلك أجندة المنتظم

الدولي والأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي الذي يسهر على السلم والأمن الدوليين، أضف إلى ذلك

أن المغرب أصبح حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة الأمريكية ورائدا دوليا وإفريقيا في مكافحة

الإرهاب والتطرف والجريمة بمختلف تجالاتها سواء العابرة للقارات وجرائم الاتجار بالبشر أو

الأسلحة، وكذا جرائم المخدرات أو غسيل الأموال، وهذا ما تم ملاحظته من خلال تحرك ميلشيات

البوليساريو إلى معبر الكركرات وترويج الإعلام الجزائري مجموعة من المغالطات والأكاذيب و

الاستفزازات الواهية وتقديم الأخبار الزائفة ونشر الصور المفبركة للرأي العام للدولي التي لا أساس

لها من الصحة في ظل النجاحات والانتصارات الدبلوماسية والسياسية المنقطعة النظير، وخاصة

التحرك المغربي الحازم إلى معبر الكركرات  لما له من دلالة سلمية وشرطية ومدنية  التي من شأنها

تطهير حركة التنقل المدني والتجاري للأشخاص والبضائع والسلع بتاريخ 13 نونبر 2020  وترسيم

الحدود البحرية  والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء  بتاريخ 10 دجنبر 2020 والإعلان

المشترك بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية ودولة إسرائيل بتاريخ 22 دجنبر 2020 الذي يؤكد

أن المغرب بلدا رائدا في نشر السلام  على مستوى القاري أو الشرق الأوسط ومرورا بزيارة مساعد

نائب كاتب الدولة الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإنشاء قنصلية أمريكية بمدينة

الداخلة بتاريخ 10 يناير 2021 ووصولا إلى المؤتمر الوزاري المغربي الأمريكي لدعم مبادرة مقترح

الحكم الذاتي عبر التناظر المرئي بتاريخ 15 يناير 2021 ، جيث تم تأييده من طرف إدارة جوبايدن

في ضوء تنصيبه للرئاسة الأمريكية بتاريخ 20 يناير 2020، وهذا  ما أفاده  البيت الأبيض، في بيان

أصدره يوم الأحد 25 يناير 2021 ، بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي  جيك سالفان  أجرى أمس

السبت اتصالا هاتفيا مع رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، مائير بين شبات، حيث أكد له “التمسك

الثابت للرئيس بايدن لأمن إسرائيل”، معربا عن شكره لنظيره الإسرائيلي على “إسهامه في الشراكة

الثنائية”.

وذكر البيان أن الطرفين بحثا “فرص توسيع التعاون خلال الأشهر المقبلة بما في ذلك من خلال البناء

على اتفاقات إسرائيل الناجحة لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب”.

وأضاف البيت الأبيض أن ساليفان أكد أن الولايات المتحدة ستخوض تنسيقا وثيقا مع إسرائيل بشأن كل

قضايا الأمن الإقليمي، كما وجه دعوة للشروع في حوار استراتيجي في الأجل القريب لمواصلة

المناقشات المفصل.

وتجدر الإشارة إلى أن المغرب وبالرغم من توفره على تجربة دولية رائدة  في مكافحة الإرهاب

والتطرف والجريمة ، فإنه غير منظم إلى منظومة مجموعة الدول التي تنسّق أمنيا حول منطقة

الساحل أمام وجود اعتراض وتهديد ميلشيات البوليساريو الحاضنة لدى الدولة الجزائرية  التي تحركها

هذه الأخيرة في وقت أرادت وفق لأجندتها الإيديولوجية والسياسية والدبلوماسية بشأن نزاع قضية

الصحراء المغربية، وهذا ما تم توضحيه من خلال الدول المنضوية من خلال إعلان رؤساء الدول

الخمس في المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل بصفة رسمية تشكيل القوة المشتركة العابرة للحدود في

باماكو في 2 يوليوز 2017 بهدف توحيد جهودهم في مكافحة التهديدات الأمنية في المنطقة،

وذلك تناغما مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تشكيل هذه القوة العسكرية المشتركة في القرار

2359 الذي أصدره في 21 يونيو 2017 والذي حظي بدعم فرنسا إلى جانب دول أوروبية كألمانيا

وهولندا وبلجيكا، وتأمل في “دعم ملموس” من الولايات المتحدة الأمريكية الحاضرة عسكريا من

خلال تسيير طائرات بدون طيار مقرها في النيجر.

وكما هو معلوم أن المغرب منخرط في إطار ما يُسمى بسياسة الجوار مع أوروبا، وهو اليوم يتمتع

بوضع امتياز مقارنة مع باقي دول المنطقة، والتوجه الأمني المغربي تأسس منذ البداية، على التعامل

مع الإتحاد الأوروبي كشريك أمني “ممتاز” للمغرب، سواء في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي أو في

مجموعة 5 زائد 5، إضافة إلى الشراكات الأمنية الثنائية مع إسبانيا وفرنسا خصوصا، كما أن معاهدة

لشبونة ساهمت نوعا ما في تقدم التنسيق والشراكة الأمنية والدفاعية، وبالتالي، فالمغرب ظل يراهن

على ما يمكن تسميته بتأهيل “الهوية الإستراتيجية للبحر الأبيض المتوسط”، ويشارك في النقاش مع

أوروبا المتوسطية حول مواضيع التحديات المستقبلية الكبرى في مجال الأمن والدفاع بحوض الأبيض

المتوسط، لكن هذا الانخراط الكلي للمغرب في علاقته الأمنية مع أوروبا، التي تجعل منه مخاطبا

أساسيا في القضايا الأمنية لدول الجنوب (جنوب المتوسط)، ظلت تفتقد إلى الانسجام، بمعنى وجود

شراكات متعددة مع الأوروبيين، لكنها بدون انسجام بينها، فالتنسيق الأمني الإسباني – المغربي ليس

هو التنسيق الأمني الفرنسي – المغربي.

 

[1] الإرهاب: يعد الإرهاب نوع من العنف السياسي حيث يتضمن الاستهداف العمدي للمدنيين ويميز بين الضحايا المباشرين والجمهور الذي يود أن يؤثر عليه. ومن هذا المنطلق، يتضمن الإرهاب ثلاثة عوامل وهما كما يلي: العنف السياسي أو عمل عنيف يهدف إلى توصيل رسالة سياسية ما، والاستهداف العمدي للمدنيين، وطبيعة ثنائية المركز، حيث يهاجم مجموعة ما لإرهاب مجموعة أخرى.

[2] التطرف:  هو تبني أو التمسك بأفكار أو أيديولوجيات أو معتقدات متشددة. ومن أجل التوضيح، يتم تأسيس بعض الأيديولوجيات أو المبادئ الدينية بالصورة التي تتيح اعتناقها بنهج متشدد أو معتدل. فالتطرف هو تبني النسخة المتشددة من أيديولوجية أو مبدأ ما، والذي عادة ما يكون مرتبط بالدين، إلا أنه في الحقيقة قد يتعلق بأي معتقدات.

[3] الجريمة :هي واقعة إجرامية مخالفة لقواعد القانون الدولي  التي من شأنها أن تضر بمصالح الدول التي يحميها هذا القانون كجريمة العابرة للقارات.

قد يعجبك ايضا