قراءة في التحرك المغربي العسكري في معبر الكركرات وفق التطورات الداخلية والمتغيرات الدولية
المعلومة القانونية
*محمد البغدادي
- باحث في مركز الدكتوراه في تخصص القانون الخاص -كلية الحقوق بطنجة-
معلوم أن معبر الكركرات هو ذلك المعبر الحدودي الذي يجمع المغرب وموريتانيا، فهو معبر
خاضع للمنطقة العازلة تحت السيادة المغربية ويندرج في إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي
المؤرخة في 11 أبريل 2007 القائم على الواقعية والتوافق حسب ما هو مؤكد في نداءات الأمم
المتحدة والمنتظم الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي خاصة في قرارها الأخير رقم 2548 المؤرخ
في 30 أكتوبر2020، كما أنه معبر تجاري دولي يسري عليه النظام التجاري العالمي ويخضع لقواعد
القانون الدولي وتحت مسؤولية المجتمع الدولي.
وإذا كان تدخل الجيش المغربي في معبر الكركرات لوضع حزام أمني بين المغرب وموريتانيا
بتاريخ يوم الجمعة 13 نونبر 2020 ، فإنه ليس عملية عسكرية أو هجومية ، بل إنه عملية شرطية
بدليل أن الذين تدخلوا يحملون الأسلحة الفردية، وذلك تماشيا مع بلاغ وزارة الشؤون الخارجية
والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ومع اتفاقية وقف إطلاق النار بين أطرف النزاع المملكة
المغربية وجبهة البوليساريو المؤرخة في 1 سبتمبر 1991 التي وقعتها هذه الأخيرة مع منظمة الأمم
وملحقاته العسكرية الموقعة سنة 1998واحتراما للشرعية الدولية والأممية و تأمينا لحرية
التنقل التجاري والمدني بين المغرب وموريتانيا وإفريقيا جنوب الصحراء وحفاظا للأمن
والسلم الدوليين وتحقيقا للنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية المغربية.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب متشبث ومتشبع بالأخلاقيات والمبادئ الأممية والمشروعية الدولية
ومتوازن في سياسيته الخارجية سواء على صعيد السياسي أو الدبلوماسي من خلال فتح 15 قنصليات
بالأقاليم الصحراوية، وذلك في إطار من الحكمة وضبط النفس والالتزام بمبادئ وأهداف الأمم المتحدة
والمنتظم الدولي بشأن قضية الصحراء الغربية المغربية، الأمر الذي يدفعنا إلى طرح سؤالا كبيرا
وكبيرا جدا: لماذا ينشغل ويهتم العالم المغاربي وخاصة النزاع الإقليمي في المنطقة العازلة بين
المغرب وجبهة البوليساريو بخصوص قضية الصحراء الغربية المغربية بدل من الانكباب على
الجهود التنموية و التحولات الديمقراطية والتحديات الأمنية في القارة الإفريقية؟
كما تجدر الإشارة إلى أن الملك محمد السادس أجرى يوم الاثنين 16 نونبر 2020 ،
اتصالا هاتفيا مع الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريس. حسب ما جاء في بلاغ للديوان
الملكي والذي تمحور حول آخر تطورات القضية الوطنية، خاصة الوضع في منطقة الكركرات
بالصحراء المغربية.
وخلال هذا الاتصال، أكد الملك محمد السادس أنه على إثر فشل كافة المحاولات المحمودة
للأمين العام، تحملت المملكة المغربية مسؤولياتها في إطار حقها المشروع تماما. لاسيما وأن هذه
ليست المرة الأولى التي تقوم فيها ميليشيات “البوليساريو” بتحركات غير مقبولة. وقد أعاد المغرب
الوضع إلى طبيعته، وقام بتسوية المشكل بصفة نهائية، كما أعاد انسيابية حركة التنقل.
كما أوضح الملك محمد السادس أن المملكة المغربية ستواصل اتخاذ الإجراءات الضرورية
بهدف فرض النظام وضمان حركة تنقل آمنة وانسيابية للأشخاص والبضائع في هذه المنطقة الواقعة
على الحدود بين المملكة والجمهورية الإسلامية الموريتانية، حيث جدد التأكيد للسيد غوتيريش على
تشبث المغرب الراسخ بوقف إطلاق النار.
وبالحزم ذاته، تظل المملكة المغربية عازمة تمام العزم على الرد، بأكبر قدر من الصرامة، وفي
إطار الدفاع الشرعي، على أي تهديد لأمنها وطمأنينة مواطنيها.
وفي الختام، أكد الملك محمد السادس للأمين العام بأن المملكة المغربية ستواصل دعم جهوده في
إطار المسلسل السياسي، حيث يتعين أن يستأنف على أساس معايير واضحة، ويشرك الأطراف
الحقيقية في هذا النزاع الإقليمي، ويمكن من إيجاد حل واقعي وقابل للتحقق في إطار سيادة المملكة
المغربية.