الآليات المعتمدة لحكامة التخطيط العمراني ـ التعمير التوجيهي نموذجا

المعلومة القانونية

*حميد بري

  • باحث بماستر العقار الكلية متعددة التخصصات بتازة

“SCHÉMA DIRECTEUR D’AMÉNAGEMENT URBAIN”

إن الأهمية التي أصبحت تحتلها الثروة العقارية لا تخفى على أحد، لذلك يسارع مختلف المتدخلين في ميدان العقار، إلى ضبط الآليات الكفيلة للتحكيم في العقار بصفة عامة، وعيا من الكل بأنه يعتبر حاليا قطب الرحى في أي عملية استثمارية، لذلك تسارع الجهات المعنية الخطى لتطهير الرصيد العقاري والحد من ظاهرة الإستلاء على أملاك الغير[1].

وقد شكل العقار دوما وعلى مر العصور مجالا مستعصيا على الضبط والتنظيم، وشكلت قضايا الولوج إليه والتصرف فيه محل  تجاذب وتدافع بين مختلف المصالح المتفاعلة في المجتمع، وهكذا أضحى موضوع العقار في حاجة إلى تفكير عميق لإرتباطه بحاجيات الإنسان المتغيرة، فهو في حالة تطور مستمر، فالنمو الديمغرافي والهجرة القروية وتفشي المضاربة العقارية[2]، أدى إلى خلق حالة من عدم التوازن بين العرض والطلب عليه، الشيء الذي أدى بدوره إلى تفاقم مشاكل أخرى لها علاقة مباشرة بهذه الوضعية، كالمباني السرية ومدن الصفيح وانعدام الوسائل الصحية والتجهيزات الأساسية، أي بشكل أعم إلى تعمير فوضوي.

لذا ظهرت ضرورة تدخل السلطة العامة لوضع حد للنمو العشوائي للمدن، حيث أصبح بذلك المشكل العقاري، يشكل الاهتمام الأساسي للسلطة العامة، لأن غياب التحكم في السطح يعني غياب عنصر أساسي يحكم تطور ونمو المناطق الحضرية، غير أن الجهود المبذولة من قبل السلطات العامة للحصول على الأراضي اللازمة للنمو الديمغرافي، غالبا ما تصطدم بعدة عراقيل تتمثل أساسا في ارتفاع القيمة العقارية وكثافة استعمالاتها العقارية في مجال التعمير ونوعية النظام العقاري الخاضعة له.

والواقع أن العلاقة التي تربط التعمير والعقار مزدوجة ومتداخلة فيما بينها وتتبادل التأثير والتأثر، وهذا يظهر من خلال التوسع العمراني والإشكاليات العقارية، وتأثير قانون التعمير على الملكية العقارية[3].

وكما هو معلوم، أن الدولة تركز من خلال سياسة التعمير على الملكية العقارية، غير أن توفير الأراضي اللازمة في الوقت المناسب والمكان، يطرح عدة إشكاليات تؤثر سلبا على تحقيق سياسة عمرانية فعالة، حيث لا زالت الدولة لم تتجاوز المشاكل المرتبطة بالعقار بذاته وتدبيره على الخصوص، وأهم هذه المشاكل المعيقات المتعلقة بتعدد الأنظمة الخاصة بالملكية العقارية، وكذلك ازدواجية النظام القانوني المطبق على العقار، بالإضافة إلى هذه الإشكاليات الصعوبات التي تعترض اقتناء الأراضي العقارية الخاصة بفعل تعقيد المسطرة الواجب إتباعها.

ولتحقيق أهداف التنمية البشرية يتوجب تنفيذ مشاريع متعددة الأبعاد في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية… وهذه المشاريع تتطلب إمكانات لتنفيذها، ومن بين أهم تلك الإمكانيات توافر الأوعية العقارية التي ستقام عليها تلك المشاريع، وهنا يأتي دور التعمير في رسم المخططات العمرانية التي تحتضن المبادرات الإسكانية وتوطين الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية .

وعندما نتحدث عن التعمير، فإننا نقصد وثائق التعمير التي تنظم عملية البناء داخل مجال ترابي معين بالشكل الذي يستجيب لمتطلبات التنمية البشرية، لذلك ارتبطت المشاريع التنموية بوثائق التعمير، كمنطلق ضروري تسعى من خلاله الدولة تنظيم المجال الذي سيحتضن تلك المشاريع ومن ثمة أصبح هناك تلازم موضوعي بين التعمير والتنمية البشرية.

وقد ارتبط تلازم التنمية بالتعمير في المغرب، منذ فترة الحماية التي اعتمدت سياستها التنموية على قانون 1914 المتعلق بتصفيف الأبنية والتصاميم الموضوعية لتهيئة المدن وتوسيع نطاقها، والجبايات المفروضة على الطرق، والذي أفرزسياسات استعمارية حققت تنمية حقيقية في بعض المناطق وتهميشا صارخا لمناطق أخرى فيما سمي بالمغرب النافع والمغرب غير النافع، وهكذا نجد أن المناطق التي حظيت بوثائق تعميرية عرفت تقدما ملحوظا بالمقارنة مع تلك التي لم تحظى بتلك الوثائق، الشيء الذي دفع الدولة إلى تبني ظهير 25 يونيو 1960، بشأن التكتلات القروية، كمحاولة للجواب على الإختلالات الموروثة عن سياسة الحماية التي ركزت على المراكز الحضرية، لتسهيل عملية استغلال الموارد الوطنية.

ومنذ ذلك الحين ارتبطت السياسات التنموية بالمغرب بالنصوص القانونية في مجال التعمر، بحيث تعززت الترسانة القانونية بصدور القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، والقانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وصولا إلى القانون رقم 66.12 بشأن زجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، والذي جاء بمجموعة من المستجدات الهامة، هذا، وقد تميز مجال التعمير بإحداث الوكالات الحضرية، وتوسيع صلاحيات الجماعات الترابية في هذا المجال، بهدف تحقيق المخططات التنموية الكبرى والتي شملت محاربة السكن غير اللائق، وتوفير البنيات التحتية الصناعية والتجارية والسياحية…

كما تضم الترسانة القانونية في مجال التعمير، العديد من النصوص التنظيمية، وعل رأسها ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، والنصوص الصادرة لتنظيمها، بالإضافة للنصوص التنظيمية بشأن تفعيل مقتضيات القانون رقم 66.12 السالف الذكر.

وترجع الأسباب التي أدت إلى الاهتمام بقضايا التعمير والتنمية إلى المشاكل التي نتجت عن أزمة الحرب العالمية الثانية، بسبب ظهور السكن غير اللائق، وارتفاع وتيرة النمو الديمغرافي، وتنامي ظاهرة الهجرة نحو المدن، مما أدى إلى توسع العمارات بشكل غير منظم، وهو الشيء الذي أصبح يفرض تحديا على السلطة العامة على التخطيط والتدبير في المجال العمراني لضبط الجوانب المتعلقة بالظاهرة التعميرية.

وتعتبر وثائق التعمير من بين الآليات الأساسية والمركزية لإشتغال الدولة في ميدان التعمير، حيث تعتبر الإطار القانوني للتخطيط العمراني، والأداة الأساسية لإستغلال الأراضي وضمان حسن استعمالها، سواء على المستوى القريب أو البعيد، إذ تهدف الدولة من ورائها إلى ضبط مختلف الإستعمالات العقارية على المستويين المكاني والزماني، وتجد في هذه الوثائق مرجعية للوصول إلى التدبير المعقلن والمخطط، حيث تعمل على هيكلة وإنتاج الفضاءات الحضرية والعمرانية، بناء على التوجهات الواردة في الوثائق التعميرية التي تشمل مختلف قطاعات التنمية الإقتصادية والاجتماعية[4].

لقد عملت مقتضيات قانون التعمير رقم 12.90 على التمييز بين وثائق التعمير ذات الطابع التوجيهي من جهة، والتي تحدد التوجهات العامة لرسم معالم التجمعات العمرانية، وتشكل أساسا مخطط توجيه التهيئة العمرانية، ووثائق التعمير التنظيمية والعملياتية من جهة للتطبيق[5].

وانطلاقا مما سبق، سنحاول في هذا الموضوع رصد المهام التي تقوم بها الدولة على مستوى التخطيط العمراني، وذلك من خلال التطرق للإطار القانوني للمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية ( المحور الأول)؛

ثم لمسطرة إعداده والآثار المترتبة عليه( المحور الثاني).

المحور الأول: الإطار القانوني للمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية

مع تطور التعمير بالمغرب، ظهرت مجموعة من المشاكل البنيوية حاولت الدولة القضاء عليها أو الحد منها، من خلال سن سياسة عامة تجسدت بشكل أساسي في القوانين السالفة الذكر من جهة، ومحاولة تنظيم القطاع باللجوء إلى خلق مجموعة من المؤسسات والمنشآت الإدارية المتدخلة من جهة أخرى؛ إذ يعد هذا القطاع من المجالات التي تناوبت عليه عدة وزارات[6] (وزارة الداخلية، وزارة الأشغال العمومية ووزارة السكنى …)

بالإضافة إلى إدارات ترابية تتمثل أساسا في الجماعات الترابية، وأخرى مرفقية تمثلها على وجه الخصوص الوكالات الحضرية[7]، وهذا راجع لتعقد عمليات التعمير،حيث تعتبر ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍلصدد ﻜﺄﻭل ﺘﺠﺩﻴﺩ ﻨﻭﻋﻲ ﻓﻲ ﺍلبنية ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﺍلمشرفة ﻋﻠﻰ ﻗﻁﺎﻉ ﺍلتعمير ﻤﺤﻠﻴﺎ.

الأكيد أن التحكم في المجال من أجل تنظيمه وتوجيه توسعه، وتحديد التوجهات العامة لتأطيره، يفترض وجود إطار قانوني، تعتمد عليه الإدارة المكلفة بذلك في كل تدخلاتها التخطيطية، والهادفة لتنظيم المجال[8]. و يعرف الأستاذ البكريوي التخطيط الحضري على أنه تدخل الإدارة بأدوات منهجية ووثائق مرجعية لتنظيم استعمال المجال وتقنين أو تحديد هذا الاستعمال لكل منطقة من مناطق المدينة وتخصيص وظيفة لكل منها قصد تحقيق تكامل أجزائها وانسجام أطرافها، وبالتالي حسن تنظيمها وتعميرها[9]، ومن هنا تبرز أهمية التخطيط العمراني، باعتباره مجموعة من الوثائق والإجراءات التقريرية، التي تسعى إلى تنظيم التطور الحضري[10].

ويعد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، الوثيقة التقديرية  التي تهدف لإقامة التوجهات الأساسية في مجال تنظيم التجمعات العمرانية ومتطلبات التوسع العمراني  والمحافظة على تجانس المنظر العام داخل التجمعات السكنية.

وللإحاطة أكثر بالمخطط التوجيهي، سأحاول التطرق  لنطاق تطبيقه والغرض منه ( المحورالأول)؛ ثم لمسطرة إعداد مخطط توجيه التهيئة العمرانية والآثار المترتبة عليه ( المحور الثاني).

المحور الأول:  المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية ” النطاق، الغرض “

سنتولى في هذه المحور  تحديد النطاق ( الفقرة الأولى)؛ ثم بعد ذلك تبيان غرضه (الفقرة الثانية) ؛ وأخيرا  الإشارة لمضمونه ( الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: نطاق تطبيق مخطط توجيه التهيئة العمرانية

يعد المغرب من الدول الأوائل التي أقرت في بداية القرن الماضي، إطارا قانونيا في مجال التعمير[11]، ومن ذلك التعمير التقديري وهو عبارة عن توجهات عامة وتصور مستقبلي لما سيصبح عليه المجال، على الأمدين، سواء منه المتوسط أو البعيد من التنظيم.

إن التعمير التقديري يحتوي على وثيقة واحدة تسمى التخطيط التوجيهي للتهيئة العمرانية، كما تسمى بالتعمير التوجيهي، لأنها تعتبر الموجه الأساسي لباقي وثائق التعمير الأخرى[12].

وتنص المادة 2 من القانون12.90 المتعلق بالتعمير على ما يلي” يطبق مخطط توجيه التهيئة العمرانية على رقعة أرضية تستوجب تنميتها أن تكون محل دراسة إجمالية بسبب الترابط القائم بين مكوناتها في المجالات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية.

ويمكن أن تشمل الرقعة الأرضية المشار إليها أعلاه على جماعة حضرية أو عدة جماعات حضرية ومركز محدد أو عدة مراكز محددة، وكذلك إن اقتضى الحال، على بعض أو جميع جماعة قروية أو جماعات قروية مجاورة”.

غير أن أهم ملاحظة يمكن الوقوف بخصوص المخطط التوجيهي هو أن  القانون رقم 90.12 المتعلق بالتعمير، لم يحدد أي شروط أو معايير تستوجبها مسطرة وضع هذا المخطط،  بل أعطى المشرع للإدارة المغربية المكلفة بالتعمير سلطة تقديرية في اتخاذ القرار، حيث نجد أن المادة 2 من نفس القانون  نصت على أن المخطط يطبق على”… على رقعة أرضية تستوجب تنميتها أن تكون محل دراسة إجمالية بسبب الترابط القائم بين مكوناتها في المجالات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية”. على عكس التجربة الفرنسية التي تأخذ بالمعيار الإحصائي، والذي يتمثل في أن المشرع يلزم تزويد المدن التي يفوق عدد سكانها 10.0000 نسمة بمخطط توجيهي، في حين يترك للإدارة الفرنسية هامش السلطة التقديرية فيما يتعلق بالتجمعات السكنية التي لا يصل عدد سكانها إلى العدد المطلوب لكن عملية تنميتها تتطلب تزويدها بمثل هذا المخطط[13].

وما تجدر الإشارة اليه أن المشرع المغربي في المادة الأولى من نفس القانون، قد حدد معنى الجماعات الحضرية والمراكز المحددة وكذا المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة، بحيث يقصد بالجماعة الحضرية، البلديات والمراكز المحددة المتمتعة بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وهي ما تسمى” بالمراكز المستقلة”، أما بالنسبة للمراكز المحددة فهي عبارة عن أجزاء من جماعات قروية تحدد حدودها السلطة التنظيمية، في حين يقصد بالمناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة: الأراضي القروية المجاورة لتلك الجماعات والمراكز، وتمتد المناطق المحيطة بالمدن إلى مسافة خمسة عشر كيلومترا تحسب من الدائرة البلدية، وتعين المناطق المحيطة بالمراكز المحددة في النص التنظيمي المتعلق بتحديد دائرة كل مركز من هذه المراكز[14].

وإذا حدث تداخل بين منطقتين من المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة فإن حدود كل منهما تعين في النص التنظيمي الصادر بإحداثها أو عند عدم وجوده بنص تنظيمي خاص[15].

والملاحظ مما ورد أعلاه أن المشرع المغربي قد أغفل المعايير الواجب اعتمادها بوضع مخطط توجيه التهيئة العمرانية، واكتفى فقط بتحديد أجل تنفيذه، والذي لا يجب أن يتجاوز 25 سنة طبقا لمقتضيات المادة 3 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير والتي تنص على أنه ” يشتمل مخطط توجيه التهيئة العمرانية على تخطيط التنظيم العام للتنمية العمرانية للرقعة المتعلق بها، وذلك لمدة لا يمكن أن تتجاوز25 سنة…” في حين أن هناك مجموعة من المعايير التي يمكن اعتمادها في وضع هذا المخطط من بينها[16]:

ـ المعيار الإحصائي: يقوم هذا الأخير بالأساس عن تميز بين التجمعات الحضرية الكبرى والصغرى وكذا التجمعات القروية، على أساس الكثافة السكانية.

ـ المعيار الوظيفي: يجري بمقتضاه التمييز بين التجمعات الحضرية والقروية بالاعتماد على نسبة السكان النشطين في المجال الزراعي، حيث يعتبر تجمع حضري كل تجمع لم يتجاوز نسبة سكانه الناشطين حوالي 20% يشتغلون في القطاع الفلاحي.

ـ المعيار الشكلي: يقوم هذا المعيار على التمييز بين الجماعات الحضرية والقروية بناء على الهندسة المعمارية المعتمدة في كل جماعة.

ـ المعيار الإداري: تعتبر الجماعة الحضرية في نظر هذا المعيار كلما توفرت فيها الشروط التالية:

ـ توفرها على الشبكة الكهربائية؛

ـ توفرها على الماء الصالح للشرب؛

ـ وجود شبكة للتطهير، والمستوصف أو مركز صحي؛

ـ وجود ثانوية ومحكمة؛

ـ أن يكون مجال السكان النشطين فيه 50% لا يشتغلون في المجال الزراعي.

وتجدر الإشارة أنه حسنا فعل المشرع الفرنسي، حينما حدد معيارا مباشرا لتزويد المدن التي يفوق عدد سكانها 10000 نسمة،  بالمخطط التوجيهي، ويترك للإدارة الفرنسية السلطة اتقديرية بالنسبة للتجمعات السكنية التي لا تتجاوز العدد المطلوب[17].

ولجعل وثائق التعمير قادرة على النهوض بوظائفها، يجب التصدي لكل العراقيل التي تحول دون تنفيذها بالشكل المطلوب، حتى تكون آلية حقيقية لوضع مقاربات من أجل التأهيل والتنمية واستشراف المجالات الحضرية، باستحضار مختلف الأبعاد خصوصا منها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والبيئية، والعمل على ضبط المجال تأطيرا وتقنينا بالمرونة اللازمة للتجاوب مع الحاجيات والمستجدات، خوصا في ظل الارتفاع المتزايد لسقف الانتظارات من وثائق التعمير.

في هذا الإطار أوصت المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة المنظمة سنة 2015 بمدينة الصخيرات، في المحور المتعلق بدور العقار في مجال التعمير والتخطيط، بتعزيز موقع العقار في مجال التخطيط العمراني، ذلك أنها أكدت على ضرورة إرساء تخطيط حضري فعال منبثق من وثائق مدروسة بما يحقق العدالة الاجتماعية والمجالية من جهة وإرساء مقومات التنمية المستدامة من جهة أخرى، كما أوصت المناظرة باعتماد صيغة التعمير التشاركي في إعداد وتنفيذ وثائق التعمير. وبالتالي فإن المقاربة التشاركية في صياغة وصناعة وثائق التعمير ستمكن في المستقبل من كسب رهانات التسويق الترابي، كشكل معاصر في التدبير العام، وعبره الإنتقال من التعمير التنظيمي ذو الطبيعة الكلاسيكية إلى  التعمير المشاريعي المحقق للإنتاج والتبادل والتنافسية والقادر على جلب الإستثمارات، ونتيجته الإنعكاس الإيجابي على المجتمع والدولة معا[18].

وقد حدد برنامج الوزارة المكلفة بالتعمير 2017/2021، ضمن أهدافه الكبرى تعميم التغطية بوثائق التعمير وتحيين المتجاوز منها، عبر المصادقة على 600 وثيقة تعميرية[19].

الفقرة الثانية: غرض مخطط توجيه التهيئة العمرانية

بالرجوع للمادة الرابعة من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، نجد المشرع المغربي قد حدد لنا الأهداف الأساسية وراء إنجاز مخطط توجيه التهيئة العمرانية، وبوجه خاص مايلي:

  تحقيق اختيارات التهيئة التي يتطلبها تحقيق التنمية والمنافسة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وعليه فالرقعة الأرضية التي هي محل مخطط توجيه التهيئة العمرانية، قد اشترط المشرع فيها أن يتم اختيار تهيئة تحقق تنمية منسجمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي؛

2ـ تحديد المناطق العمرانية الجديدة وتواريخ السماح بالقيام بعمليات عمرانية فيها، مع الحفاظ بوجه خاص، على الأراضي الزراعية والمناطق الغابوية التي تتولى السلطة التنظيمية تحديدها؛وطبقا للمادة 2 من المرسوم رقم2.92.832 بشأن تطبيق القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير أنه ” تعين حدود المناطق الزراعية والغابوية المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من نفس القانون، بمراسيم تصدر باقتراح من الوزير المكلف بالفلاحة بعد استطلاع رأي السلطة الحكومية المكلف بالتعمير. ويجب أن تكون المراسيم المذكورة التي تنشر في بالجريدة الرسمية مشفوعة بخريطة تنطيق زراعي أو غابوي بحسب الحالة”.

3ـ  تحديد الأغراض العامة المخصصة لها الأراضي وتعيين المواقع ونخص بالذكر، المناطق الزراعية والغابوية، والمناطق السياحية والمناطق التجارية والصناعية، وكذا المساحات الخضراء الرئيسية التي يجب القيام بإحداثها وحمايتها أو إبراز قيمتها أوبهما معا…

4ـ   تحديد القطاعات التي يجب القيام بإعادة هيكلتها أو تجديدها أو بهما معا؛

5ـ تحديد مبادئ الصرف الصحي والأماكن الرئيسية التي تصب فيها المياه المستعملة والأماكن التي توضع فيها النفايات المنزلية؛

6ـ   تحديد مبادئ تنظيم النقل؛

 7ـ حصر برمجة مختلف مراحل تطبيق المخطط وبيان الأعمال التي يجب أن يحظى إنجازها بالأولوية، خصوصا تلك التي يكون لها طابع فني أو قانوني أوتنظيمي.

وهكذا يلاحظ على أن غاية المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية وأهدافه متنوعة ومتعددة، حيث تجمع بين غايات إقامة التوازن بين المد العمراني وبين حماية المجالات.

لكن ماذا عن محتوى مخطط توجيه التهيئة الترابية؟

الفقرة الثالثة: مضمون مخطط توجيه التهيئة العمرانية

حدد المشرع المغربي في ضوء المادة 5 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير محتوى مخطط توجيه التهيئة العمرانية، والذي يشمل كل من الرسوم البيانية والتقرير:

ـ الرسوم البيانية: هي عبارة عن خرائط لمنطقة التي يغطيها المخطط، وتتضمن بيان استعمال الأراضي، كما تحدد المناطق الزراعية والغابوية، وتتضمن كذلك إن اقتضى الحال، تصميما لصيانة التراث التاريخي وإبراز قيمته. وهذه الرسوم يتولى إعدادها متخصصين في شتى المجالات ، المواصلات والطرقات، المناطق الخضراء، العقار، التجهيزات الأساسية، الصناعة، المحافظة على البيئة…الخ. كما أن التقرير لا يمكن فهمه لوحده بل لا بد من توضيحه بالخرائط البيانية[20]. ونستنتج مما سبق على أن الرسوم البيانية تحدد لنا صورة عن منطقة المخطط على الأمد البعيد، وتتميز أيضا بالمرونة حول إمكانية إدخال تحسينات عليها كلما تطورت وتغيرت الظروف التي أسست عليها[21].

ـ التقرير: يشمل مخطط توجيه التهيئة العمرانية بالإضافة للرسوم البيانية ” التقرير”

يشرح هذا التقرير اختيار التهيئة المبين في خرائط استعمال الأراضي ويحدد التدابير التي يجب القيام بها لبلوغ الأهداف المحددة فيه ويشير إلى مراحل تنفيذ الإجراءات المقررة خصوصا المراحل التي يجب أن تزود خلالها المناطق المعنية بتصاميم التنطيق وتصاميم التهيئة وتصاميم التنمية.

إن وضع هذه التصاميم الأخيرة هو الذي يعطي في الحقيقة مفعولا للمخطط إزاء الملاك العقاريين لأنها هي التي سوف توضح الاستعمالات العقارية بنوع من التفعيل والبيان فهي تعد نافذة المفعول إزاءهم، كما يصبح المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية ساري المفعول إزاءهم وإن بطريقة غير مباشرة[22].

إن مخطط التوجيه العمراني يهدف بصورة عامة إلى توزيع المجال، ووضع إطار قانوني عام للسياسة العقارية، وذلك بتحديد المناطق العمرانية المستحدثة، وكيفية تهيئتها، والمناطق الغابوية والزراعية والمساحات الخضراء إلى جانب التجهيزات الأساسية والمرافق الضرورية[23]، وذلك لمدة لا يمكن أن تتجاوز 25 سنة. وهو بذلك ذو طابع تقديري حيث يهتم في الأساس برسم التطورات المستقبلية على المدى البعيد للنسيج الحضري، وبتنسيق عمليات التهيئة بالمناطق المراد تنميتها، ولا يضع قواعد محددة أو قيودا أو ارتفاقات معينة على أراضي معينة، إذ يحتوي على خرائط تتعلق باستعمال الأراضي وتحديد المناطق، وتقارير تقديرية لهذه الخرائط تلخص مختلف الدراسات القطاعية التي يتم إعدادها ضمن مشروع المخطط[24]

المحور الثاني: مسطرة إعداد مخطط توجيه التهيئة العمرانية والآثار المترتبة عليه

بعد أن يتم تحديد المناطق المشمولة بمخطط توجيه التهيئة العمرانية، تأتي مرحلة تنفيذ هذا المخطط عن طريق المرور بمجموعة من المساطر القانونية التي حددها المشرع المغربي، والموافقة عليها من طرف جهات مختصة (الفقرة الأولى) وبعدها تترتب مجموعة من الآثار القانونية المحددة في إطار الفرع الرابع من الفصل الأول من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير( الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: مسطرة إعداد مخطط توجيه التهيئة العمرانية

إن دراسة مخطط توجيه التهيئة العمرانية وإجراءات بحثه والموافقة عليه، حددها المشرع المغربي من خلا المواد ( 6ـ 7ـ 8) من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير.

ويتم وضع مشروع مخطط توجيه التهيئة العمرانية بمبادرة من الإدارة وبمساهمة الجماعات الترابية، وتتم الموافقة عليه طبق الإجراءات والشروط التي تحدد بمرسوم تنظيمي، وبالرجوع للمادة 3 من هذا الأخير أنه ” يتم إعداد مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية بمسعى من السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير وبمساعدة من الجماعات المعنية والمجموعة الحضرية في حالة وجودها.

ويجب على الإدارات والمؤسسات العامة لأجل إعداد مشروع مخطط توجيهي للتهيئة العمرانية أن تبلغ إلى السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير الوثائق المتعلقة بمشاريع ذات المنفعة الوطنية أو الجهوية المراد إنجازها في نطاق المخطط التوجيهي المقترح. كما يجب أن يتم تبليغ الوثائق المذكورة بطلب من السلطة الحكومية المشار إليها أعلاه داخل أجل لا يزيد على ثلاثة أشهر من تاريخ الطلب الآنف الذكر، ويمكن إذا استلزم الأمر ذلك تنفيذ المشاريع ذات المنفعة العامة وبناء على طلب من السلطة الحكومية المعنية أن يراجع المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية الجاري به العمل وذلك وفق الصور والإجراءات المقررة لإعداده والموافقة عليه.

وتبدأ مسطرة إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية بالتعرف على المدن التي هي في حاجة ماسة إلى إعادة النظر في طرق توسعتها أو توجيهها أو التحكم فيها، وتتم هذه العملية بإعداد دراسات ميدانية لمختلف الجوانب، التي تهم المدينة وكذا المجال المحيط بها من الناحية الديمغرافية والاقتصادية والعقارية، وكذا التجهيزات الأساسية والمرافق العامة   والموارد المالية العامة، وكذلك العلاقات الاقتصادية القائمة بين المدينة والمدن المجاورة لها[25]

وبعد الإنتهاء من إنجاز الدراسات التمهيدية، تتولى لجنة مركزية تعمل تحت رئاسة الإدارة المركزية المكلفة بالتعمير الإشراف على إعداد مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، وبحث وتوجيه الدراسات المتعلقة به في مختلف مراحلها، حيث تسهر تلك اللجنة على القيام بأعمال السكرتارية، وتضم اللجنة المركزية ممثلي القطاعات الوزارية المعنية، ثم مدير أملاك الدولة والولاة والعمال، ويمكن أن تستعين اللجنة بكل إدارة شخص ترى فائدة في الاسترشاد برأيه[26].

وبعدها تعرض الإدارة المكلفة بالتعمير مشروع المخطط على لجنة محلية للتعمير بعد الانتهاء من إعداده ودراسته، وتتألف اللجنة المحلية من الوالي أو عامل الإقليم أو العمالة المعنية، ثم أعضاء اللجنة التقنية المعنية التابعة للعمالة أو الإقليم ورؤساء المجالس ورؤساء الغرف المهنية ويمكن أن يدعو رئيس اللجنة المحلية للمشاركة في أعمالها كل شخص يكون أهلا لذلك، ويقوم بأعمال سكرتارية اللجنة المحلية ممثل المصالح اللاممركزة التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية في حالة وجودها، ويتولى رئيس اللجنة إعداد  جدول أعمالها[27]. وبعد انتهاء اللجنة من أعمالها، تقوم بتوجيه ملخص هذه الأشغال مرفوقا بمحضر من هذه الأعمال إلى اللجنة المركزية من أجل اتخاذ قرار بشأنه داخل أجل خمسة عشر يوما على الأكثر ملخصا بهذه الأشغال مشفوعا بمحضر عن الأعمال إلى اللجنة المركزية قصد اتخاذ قرار بشأنه[28].

ويحال مشروع مخطط توجيه التهيئة العمرانية[29]، قبل أن توافق عليه الإدارة، إلى مجالس الجماعات المعنية وإلى مجلس المجموعة الحضرية إن اقتضى الحال ذلك، لدراسته وفق أحكام الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.76.583 بتاريخ 30 سبتمبر 1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي[30]. وللمجالس المشار إليها أعلاه أن تبدي، داخل أجل ثلاثة أشهر يبتدئ من تاريخ إحالة المخطط إليها، ما تراه في شأنه من اقتراحات تتولى الإدارة دراستها بمشاركة المجالس الجماعية التي يعنيها الأمر، وفي حالة ما إذا لم تبدي المجالس الآنفة الذكر أي رأي داخل الأجل المنصوص عليه أعلاه فإن سكوتها يحمل على أن ليس لها أي اقتراح في موضوع المخطط المحال إليها.

ومن خلال مقتضيات المادة السابعة من قانون رقم 12.90 فقد اعتبر أحد الباحثين[31] على أن صيغة المادة المذكرة اعلاه تفيد بأن الإدارة عليها أن تتقيد باقتراحات وآراء المجالس الجماعية، إلا أن النص في اعتقادنا لا يزال يحتاج إلى مزيد من الوضوح، طالما أن الممارسة أظهرت أن ملتمسات المجلس الجماعي أن المشرع لم يرتب أي جزاء في حالة عدم التقيد بها، غير أنه يمكن للإدارة أن تأخذ بها متى كانت هذه الآراء سديدة وتعمل على تحقيق الأهداف المتوخاة من السياسة العمرانية المتبعة.

ورغم منح المشرع المغربي للجماعات الترابية اختصاصات مهمة في مجال التعمير والبناء من خلال المقتضيات التي جاء بها القانون التنظيمي للجماعات[32]، غير أن هذه الصلاحيات تبقى تفعيلا وتنفيذا لما يحمله مخطط توجيه التهيئة العمرانية، دون أن تعطى للجماعات الحضرية والقروية اية صلاحيات لإعداد وتحضير وإجراء الدراسات الأولية بالنسبة لوثائق التعمير[33]، ومن ضمنها هذه المخططات.

ولعل المستجد الذي جاء به المشرع المغربي في المرسوم التطبيقي رقم 2.92.832 للقانون 12.90 المتعلق بالتعمير، أنه خول إنشاء لجنتين واحدة محلية وأخرى مركزية واللتان تنظران في مشروع المخطط، إذ أنه وبعد ماتنتهي الإدارة من وضع مشروع المخطط فإنها تقوم بعرضه على أنظار اللجنة المركزية التي تقوم بالإشراف على مختلف الدراسات المنجزة في مختلف مراحل الإعداد وتوجيهها، ثم يعرض المشروع بعد ذلك على لجنة محلية تتولى دراسته وإبداء أرائها واقتراحاتها بشأنه.

 

وغالبا ما يتم إعداد مشاريع المخططات من طرف أطر فنية متخصصة تستعين بها الإدارة المشرفة على القطاع، بشكل أخص مكاتب الدراسات ذات التخصصات المتنوعة في مختلف المجالات ” الاقتصاد، القانون، الهندسة وغيرها، ويرجع اعتماد الادارة المكلفة بالتعمير على أطر كهذه إلى ضعف إمكانيات المجالس الجماعية في التخصصات العملية المذكورة، وقلة الأطر المتخصصة في مجال الدراسات ومشاريع التعمير.وبعدك هذه الخطوات تأتي المرحلة الخيرة من المسطرة وهي المصادقة على المخطط، حيث تقوم السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير بعد استشارة المجالس الجماعية المعنية بالمخطط التوجيهي، بوضع المشروع النهائي لتتم الموافقة عليه من قبل رئيس الحكومة، بمقتضى مرسوم يتم اقتراحه من قبل الوزارة المكلفة بالتعمير، وذلك بعد استطلاع أراء كل من وزير المالية والداخلية والفلاحة والتجهيز[34].

تجدر الإشارة على أنه خارج دوائر اختصاص الوكالات الحضارية تحدث لجنة لمتابعة المخطط التوجيهي، بالولاية والعمالة أو الإقليم، تتكلف بالمتابعة والسهر على تنفيذ التوجهات المحددة في المخطط التوجيهي والسهر بوجه خاص على إنجاز مراحله والقيام بتنشيط أعمال التهيئة المقررة فيه والبحث عليها وتنسيقها ضروريا ومرتين في السنة على الأقل[35].

يقوم رئيس المجلس بإخبار السلطة الحكومية  المكلفة بالتعمير بانتظام بكل مراحل إنجاز مخطط توجيه التهيئة العمرانية طبقا لمقتضيات المادة 11 من المرسوم المذكور أعلاه.

إن مسطرة إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، تتميز بالطابع المركزي، وهذا راجع من جهة إلى تعدد الجماعات التي يشملها المخطط، إضافة إلى أن ممثلي الإدارة المركزية يتوفرون على الإمكانيات مقارنة مع أطر الجماعات الترابية، زيادة على قلة الإمكانيات المالية لهذه الجماعات التي لا يمكنها مواجهة الحاجيات التي تتطلبها عملية إعداد الوثائق التعميرية، الأمر الذي حذا بالمشرع المغربي ألا يجعل منها شريكا فعالا في إعداد وثائق التعمير، خصوصا في المراحل الأولى مكتفيا بإعطائها دور المسير والمنفذ[36].

فضلا عن أن التعمير بالمغرب يتميز عموما بطابعه المركزي خلافا لما هو عليه الشأن في مجموعة من الدول. فمثلا في إيطاليا، يعتبر التعمير اختصاصا مشتركا بين الجهات والأقاليم والجماعات كما في إسبانيا، حيث أن قانون النظام العقاري الصادر بتاريخ 13 ابريل 1998 حدد مسؤولية الجماعات في مجال التعمير[37] أما في فرنسا فإن وضع وثائق التعمير أصبح من اختصاصات الجماعات المحلية[38]. وإذا كان تدخل السلطة المركزية واضحا وقويا على مستوى إعداد المخطط المذكور، فإن هذا الحضور يظل قويا حتى على مستوى المصادقة كذلك.

إذا كان قانون 12.90 المتعلق بالتعمير لم يحدد المسطرة الواجب إتباعها للمصادقة على المخططات التوجيهية، فإن المرسوم التطبيقي قد نص في مادته الثامنة على أن المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية يوافق عليه بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية ويصدر باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير بعد استطلاع رأي وزير الداخلية ووزير المالية والوزير المكلف بالفلاحة..[39] ، هذه الموافقة التي تأتي بعد أن يكون المشروع قد درس من قبل مختلف اللجن سواء على المستوى المركزي أم المستوى المحلي وإبداء الملاحظات والاقتراحات من قبل المجالس الجماعية المعنية وإدخال التعديلات التي تراها السلطة المشرفة على قطاع التعمير ملائمة.

فبعد المصادقة على المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، يجب على كافة المتدخلين في القطاع من دولة وجماعات ترابية ومؤسسات عمومية أن تتقيد بأحكام المخطط على اعتبار أن المشرع المغربي كان صارما في مسألة الإلزامية عندما استعمل في المادة التاسعة من القانون 12.90 لفظتي “يجب” و “تتقيد”، وذلك على عكس المشرع الفرنسي الذي يأخذ بنوع من المرونة بنصه على درجة أدنى من التقيد أطلق عليها التوافق في مقابل مفهوم التطابق بين المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية والتجهيزات والمشاريع والبرامج والاستعمالات التي تود الأشخاص المعنوية العامة أو الخاصة القيام بها في الرقعة الأرضية المغطاة بالمخطط التوجيهي. والملاحظ أن حضور الدولة في إعداد والمصادقة على المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية هو حضور قوي يدل على رغبتها في التحكم في التخطيط العمراني وضبط المجال[40].

من الملاحظات المسجلة على المستوى العملي، هو غياب التقدير الدقيق والمضبوط للحاجيات فيما يخص البرامج التي تتقدم بها مختلف الإدارات العمومية المعنية مما جعل في بعض الأحيان البرامج المقترحة بعيدة عن الواقع وتستلزم إعادة تكييفها لملاءمتها مع تهيئة الوضعية الحقيقية والإمكانيات المتوفرة، ولعل من بين العوامل التي تحول أيضا دون إنتاج الوثيقة التوجيهية ذات جودة قادرة على مواكبة التحولات الديموغرافية، ومجاراة الديناميات السوسيو-اقتصادية التي تتفاعل داخل المجالات الترابية، الكيفية التي يتم اختيار مكاتب الدراسات، حيث أكدت الممارسة أن الإدارة المكلفة بالصفقات أحيانا ما ترجح كفة الفريق الذي يكون عرضه أقل  ثمنا وهو ما يفيد تغييب معيار الجودة في معادلة إعداد وثيقة التعمير، بالإضافة إلى عدم الاعتماد على بعض التخصصات عند القيام بالدراسات كعالم الإجتماع والجغرافيا والاقتصاد واقتصار الأمر أحيانا على الطاقم التقني فقط[41]،  ويظل السبب الرئيسي في هذا البطء المسطري متمثلا في افتقاد العديد من المتعاقدين للخبرة والتجربة والتخصص في ميدان التعمير وافتقارهم للوسائل التقنية والبشرية التي تسمح لهم بتنفيذ التزاماتهم إزاء الإدارة في أجال معقولة، فضلا عن عدم توفر بعض الإدارات المعنية عموما على الأطر المؤهلة الكافية لتتبع عمل هذه المكاتب ومراقبتها والمساهمة في تسريع وتيرة الإنجاز، كما يساهم قانون التعمير هو الآخر في هذا البطء والتأخر الذي يعرفه مسلسل إنتاج المخطط التوجيهي بسبب عدم تحديد المشرع لتاريخ بدأ وانتهاء بعض المراحل التي تقطعها عملية الإعداد حيث يبقى ذلك خارج أي ضبط زمني لاستسلام مواقف وآراء مختلف المصالح والهيآت الإدارية المعنية بالمشروع، الأمر الذي يجعل البعض منها يحتفظ بالمشروع مدة طويلة ترهن معها مستقبل التهيئة العمرانية والاستجابة للحاجيات المتجددة للواقع الاقتصادي  والاجتماعي مما يؤثر سلبا على المراحل الأخرى.

وفي نفس السياق نشير إلى غياب نص قانوني يجبر الوالي أو العامل بالدعوة إلى عقد اجتماع اللجنة التقنية المحلية داخل آجال معينة، بالإضافة إلى غياب أجل لإحالة المشروع  على رؤساء المجالس الجماعية قصد الشروع في المشاورات[42].

الفقرة الثانية: الآثار المترتبة على مخطط توجيه التهيئة العمرانية

بعد المصادقة على مخطط توجيه التهيئة العمرانية ونشره بالجريدة الرسمية، فإنه يكتسب صفة الإلزامية في مواجهة كافة الأطراف المخاطبين به، ويجبرهم على التقيد بأحكامه، ليرتب بذلك آثارا إزاء الأشخاص المعنوية، وآثار بالنسبة لبقية الوثائق التعميرية، وفي مواجهة الأفراد.

وهو ما أتطرق له  فيما يلي:

أولاـ آثار مخطط توجيه التهيئة العمرانية بالنسبة للأشخاص المعنوية

لقد ألزم المشرع الدولة والجماعات والمؤسسات العمومية وأشخاص القانون الخاص الذين يكون رأسمالهم مملوكا للدولة[43]، التقيد بأحكام ومقتضيات المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، وهذا يعني أن البرامج والقرارات الإدارية المتعلقة بها، يجب أن تتطابق والمقتضيات التي جاء بها المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية.

ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺁﺜﺎﺭ المخطط التوجيهي ﺨﻠﻘﺕ ﻨﻘﺎﺸﺎ ﺤﺎﺩﺍ ﺒﻴﻥ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ الباحثين ﻓﻲ مسألة ﻁﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻫل ﻫﻲ ﻤﻠﺯﻤﺔ؟ ﺃﻡ ﻋﻠﻰ العكس ﻤﻥ ذلك، ﻭﻤﻥ  ثمة ﺇﺫﺍ فقد المخطط  ﺼﺒﻐﺔ الإلزام  ﻓﺈﻨﻪ ﺴﻴﻔﻘﺩ ﻗﻭﺘﻪ ﻭﺠﺩﻭﺍﻩ ﺨﺼﻭﺼﺎ ﺇﺫﺍ ما ﺍﺴﺘﺤﻀﺭﻨﺎ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﻤﺠﺎل التعمير ﻜﻤﻴﺩﺍﻥ لتضارب والتقاء المصالح، كذلك الأمر إذا ما ﺍﻋﺘﺒﺭﻨﺎ ﺃﻥ ﻜل مقتضياته، ﻤﻠﺯﻤﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﺴﻴﻀﻔﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺼﺒﻐﺔ الجمود ﻭﻤﻥ ﺘـﻡ ﻋـﺩﻡ السماح ﺒﺎﻷﺨﺫ ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ بالتطورات الطبيعية والضرورية التي ﻗـﺩ ﺘﺤـﺩﺙ ﻓـﻲ المستقبل[44].

وبالرجوع للمادة 9 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير سنجد أن المشرع المغربي استعمل مصطلح يجب والذي يفيد الوجوب، تنص المادة المذكورة على أنه ” يجب على الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العامة وعلى أشخاص القانون الخاص المعنوية التي يكون رأسمالها بأجمعه مملوكا للدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العامة أن تتقيد بأحكام مخطط توجيه التهيئة العمرانية”. ومن ثم فإن المشرع المغربي في توجهه هذا أضفى صبغة الإلزامية على مقتضيات المخطط التوجيهي، وهو بذلك لم يساير بعض التشريعات المقارنة، كالتشريع الفرنسي الذي وقف موقفا مرنا فيما يخص آثار المخططات التوجيهية من خلال استعماله الصياغة التالية إن التصاميم المديرية “…توجه وتنسق برامج الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة…”الأمر الذي قد يطرح مجموعة من الإشكالات العملية أثناء تنفيذ المخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية.

إن استعمال صفة الوجوب ضمن مقتضيات المادة 9 من قانون التعمير يتضح من خلالها وبوضوح الموقف الصارم للمشرع المغربي من مسألة آثار المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية إزاء الأشخاص المعنوية العامة أو الخاصة، واستعمال صفة الوجوب لا يترك أي مجال للشك في أن مقصود المشرع هو مطابقة المشاريع المزمع القيام بها مع المخطط. وبصفة عامة فإن المخطط يفرض أحكامه في مواجهة كل الذين شاركوا في إعداده ويلزمهم بضرورة احترام توجيهاته.

ثانياـ آثار مخطط توجيه التهيئة العمرانية بالنسبة للأفراد

هناك قاعدة مفادها أن وثائق التعمير لا تكون لها آثار ملزمة إزاء الأفراد إلا إذا تعرفوا عليها واطلعوا على محتواها خلال بحث علني ينظم قصد تبيان منافعه ومضاره وتسجل أثناءه ملاحظات واقتراحات المعنيين بالأمر.

والمشرع المغربي نص في المادة 10 من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير على أنه” كل مشروع تجزئة أو مجموعة سكنية أو مشروع بناء لا يمكن الإذن في إنجازه، في حالة عدم وجود تصميم تهيئة أو تصميم تنطيق، إلا إذا كان لا يتنافى والأحكام المقررة في مخطط توجيه التهيئة العمرانية المتعلق بالمناطق العمرانية الجديدة والأغراض العامة المخصصة لها الأراضي الواقعة فيها. ومن خلال ما سبق يتبين أن المادة 10 اعلاه ميزت بين حالات كما يلي:

 ـ الحالة الأولى: وهي تهم المرحلة التي تفصل بين تاريخ الموافقة على المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، وتاريخ إعداد تصاميم التنطيق التطبيقية لها، وهنا قد أجاب المشرع المغربي بأن طلبات الحصول على رخص التعمير( التجزئات والمجموعات السكنية والبناء) في المناطق العمرانية الجديدة التي نص عليها المخطط التوجيهي، لا تمنح إلا إذا كانت لا تتنافى مع الأغراض العامة المخصصة لها الأراضي الواقعة فيها، ويمنح المشرع بشأن منح الترخيص أو رفضه سلطة تقديرية للإدارة ولكنها ليست سلطة مطلقة، بل هي خاضعة لمراقبة القاضي، فأي مواطن يمكن له أن يطعن ضد قرار الإدارة القاضي بمنح رخصة بناء مثلا تتنافى وما نصت علية المادة 10 المذكورة أعلاه، كما يجوز لمن رفضت له الرخصة أن يطعن في قرار الإدارة لكون مشروعه حسب اعتقاده لا يتنافى مع ما ذكر في نفس المادة[45].

   ـ الحالة الثانية: وهي حالة منطقة  تتوفر عل تصاميم التنطيق أوتصاميم التهيئة سارية المفعول ويتم تغطيتها لاحقا بمخطط توجيه التهيئة العمرانية، وبعد الموافقة عليه قدمت طلبات  الحصول على رخص التعمير. تدرس هذه الطلبات  مبدئيا وفق ما تقتضي به  تلك التصاميم، فترفض في حالة مخالفتها لمقتضياتها وتمنح في حالة العكس، إذا كانت تصاميم التنطيق أوالتهيئة لا تتنافى مع مقتضيات مخطط توجيه التهيئة العمرانية.

ثالثاـ آثار مخطط توجيه التهيئة العمرانية بالنسبة لوثائق التعمير

بالرجوع لمقتضيات المادة 11 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير نجد أن تصاميم التنطيق وتصاميم التهيئة وتصاميم التنمية[46]، يجب أن تتقيد بأحكام مخططات توجيه التهيئة العمرانية. وتظل سارية المفعول إذا كانت قد تمت الموافقة عليها قبل تاريخ نشر النص الموافق بموجبه على المخطط الآنف الذكر، بشرط أن تكون أحكامها تتلاءم مع الخيارات الواردة فيه، وفي حالة مخالفة أحكام هذه التصاميم للتوجيهات الأساسية المقررة في مخطط توجيه التهيئة العمرانية، يجب أن يتخذ ـ داخل أجل شهر على الأكثر من تاريخ الموافقة على هذا المخطط  ـ مقرر رئيس المجلس الجماعي بعد مداولات المجلس يقضي بدراستها وفق أحكام المادة 21[47] من نفس القانون، وتحدد فيه المناطق التي يجب أن توضع لها تصاميم تهيئة جديدة.

[1]  عبد العالي الدقوقي، نظام التحفيظ العقاري بالمغرب  بين النظرية والتطبيق ـ دراسة في الإجتهاد القضائي والإداري ـ مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2020، الدار البيضاء، ص 9.

 

[2]  تتخد المضاربة العقارية عدة صور أهمها وأكثرها تداولا في السوق، أن المضاربين يبيعون ويشترون العقارات دون أن يمتلكوها، حيث يكتفون بدفع العربون فقط، ثم يعيدون بيعها مباشرة، أو إعادة بيعها على حالتها بعد تملكها ( منشور على الموقع الإلكتزوني www.ohewar.org.ma)

 

[3]  عبد الواحد القريشي، قانون التعمير والتنمية بالمغرب، سلسلة إضاءات في الدراسات القانونية، العدد 6، مكتبة الرشاد ـ سطات ـ مطبعة الأمنية ـ الرباط، ص 73.

[4]  الحاج شكرة، الوجيز في قانون التعمير المغربي، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة السادسة 2011، ص 71 و 72.

[5] خصص لها الباب الثاني من خلال المادة 2 إلى المادة 39 من قانون التعمير رقم 12.90.

[6]  حاليا وزارة اعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة .

[7] ظهير شريف رقم 1.93.51 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993)، معتبر بمثابة قانون يتعلق بإحداث الوكالات الحضرية، الجريدة الرسمية عدد 4220 بتاريخ 15/09/1993 الصفحة  1624. وهي مؤسسات عامة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي ويشمل نطاق اختصاصها عمالة أو إقليما أو عدة عمالات أو أقاليم. ” المادة الأولى من الظهير أعلاه”.

 

[8] Abdelmajid  BENJELON  « La Planification Urbaine : Une Mission Impossible ? » Politiques Urbaines au Maroc, colloque organisé par l’Association Marocaine des Sciences  Administratif, imprimerie Najah al Jadida – Casablanca  1994. P:14.

 

[9]  د.عبد الرحمان البكريوي، التعمير يبم المركزية والامركزية ، الشركة المغربية للطباعة والنشرـ الرباط ـ الطبعة الأولى 1993، ص 33.

 

[10]  Rémi DORMOIS, “Structurer une capacité politique à l’échelle urbaine, les dynamiques de planification à Nantes et à Renes, (1977-2001) , Revue française de science politique, 2006,p 837. Extrait du site de la revue française ; www.cairn.info.

[11] A.Mkinsi: Le droit Marocain de l’urbanisme, publication de LINAU Rabat, P50.

[12]  حسن أمرير، دور الجماعات المحلية في ميدان التعمير إشكالية توزيع الإختصاص، المجلة المغربية للإدارة المحلية  والتنمية، عدد 34، أكتوبر 2000. ص 33.

[13] H. Lina : «  la commune face a la politique foncière »édition berger-levrault, paris 1984, p 46.

[14]  ينظرالمادة 1 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير.

 

[15]  ينظر المادة 1 من المرسوم رقم 2.92.832 الصادر في  27 من ربيع الآخر 1414 ( 14 أ كتوبر 1993) لتطبيق القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، الجريدة الرسمية عدد4225 بتاريخ 4 جمادى الأولى 1414 ( 20 أكتوبر 1993)، ص 2061.

[16]  رشيد البوني، المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، مقال منشور على الموقع الإلكتروني  www.ovrblog.ma

 

[17]  فرح الزروقي، دور وثائق التعمير في تهيئة المجال الحضري والتنمية، رسالة لنيل دبلوم الماستر، مختبر قانون  العقود والعقار بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2012/2013، ص11.

 

[18] Abdelatif CHakor « le Marketing Territorial au Service de la Bonne Gouvernance Locale » Du Gouvernement à la Gouvernance : les leçons marocaines , Publications de la Revue Marocaine d’Audit et de Développement série Management Stratégique N° 5 /2004 page 164.

 

[19]  وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وثائق التعمير والوكالات الحضرية، الحصيلة والآفاق.

[20]  عبدالرحمان البكريوي، مرجع سابق، ص 47.

[21] عبدالرحمان البكريوي، مرجع نفسه، ص 46.

[22]  الحاج شكرة، مرجع سابق، ص77.

[23]  رفيق الهاني، دور العقار في إعداد سياسة التعمير، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر القانون والعقود، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2012/2013، ص 26.

[24]  الهادي مقداد، مرجع سابق، ص 129.

[25]  الحاج شكرة، الوجيز في قانون التعمير، مرجع سابق، ص 33.

[26]  المادة 4 من المرسوم رقم 2.92.832  بتطبيق القانون 12.90 المغير والمتمم بالقانون رقم 66.12 بشأن مراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء.

[27]  ينظرالمادة 5 من نفس المرسوم اعلاه.

[28]  محمد البوشواري، الميسر في إعداد التراب الوطني والتعمير، مطبعة طوبريس الرباط، الطبعة الأولى 2006، ص56.

[29]  الرجوع للمادة 7 من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير.

[30]  تم نسخ الظهير الشريف رقم 1.76.583 بتاريخ 5 شوال 1396 ( 30 سبتمبر 1976) بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي بمقتضى المادة 144 من القانون رقم 78.00  المتعلق بالميثاق الجماعي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.297 الصادر في 25 من رجب 1423 ( 3 أكتوبر 2002)؛ الجريدة الرسمية عدد 5058 بتاريخ 16 رمضان 1423 ( 21 نوفمبر 2002) ، ص 3468.

[31]   محمد اليعقوبي : مشاركة المواطنين في التهيئة العمرانية بالمغرب .محاضرة ألقيت على طلبة السنة الثانية من دبلوم الدراسات العليا المعمقة بوجدة   كلية الحقوق وجدة، وحدة التكوين والبحث ” الإدارة العامة”  الموسم الجامعي 2000/1999.

[32]  المادة 85 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14.

[33]  زكرياء الأخراط، اختصاصات الجماعات المحلية في مجال التعمير، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام تخصص تدبير الإدارة المحلية، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سطات 2008/2009، ص 19.

[34]  المادة 8 من المرسوم التطبيقي لقانون التعمير رقم 12.90.

[35]  المادة 9 و 11 من المرسوم التطبيقي بشأن تطبيق قانون 12.90 المتعلق التعمير.

[36]  الحوسي قفيح، سلطات الجماعات المحلية في ميدان التعمير، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ، شعبة القانون العام الداخلي، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق السويسي، الرباط، السنة الجامعية 2000/2001، ص 24.

[37]  Patrik Gérard, Pratique du droit de l’Urbanisme : urbanisme réglementaire, individuel et opérationnel, deuxième édition,  Eyrolles , 2000 P :37.

 

[38]  Vincent Bernard : L’urbanisme décentralisé à la croisée des chemins. Interritoires, N : 318, 1991, P:22.

[39]  المادة 8 من المرسوم التطبيقي لقانون 12.90 المتعلق بالتعمير.

[40]  تجدر الإشارة إلى أن ثمة تصميم يسمى بالتصميم التوجيهي للمناطق يمكن إدراجه ضمن التعمير التقديري، حيث أن هذا التصميم كان منظما وفق دورية الوزير الأول عدد 338/د بتاريخ 26غشت 1982، إلا أن التصاميم التي تم إعدادها (القنيطرة، ابن سليمان ووجدة وطنجة) ولغياب السند القانوني المتعلق بها قد صودق عليها في شكل تصاميم للتنطيق وفق ما تنص عليه المادة التاسعة من ظهير 1952 المتعلق بالتعمير، إلا أن الملاحظ هو أن القانون 12.90 المتعلق بالتعمير لم يورد تصميم توجيه المناطق، ضمن وثائق التعمير التي نص عليها، وهذا ما يفيد أن المشرع قد استعاض عن تصميم توجيه  المناطق بتصميم التنطيق والمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، هذه الاستعاضة يمكن تبريرها بقلة ما صدر من تصاميم توجيه المناطق وكذا بالشكل الذي تمت به المصادقة عليها. للمزيد من التفصيل يراجع  عبد السلام المصباحي، محاضرات في إعداد التراب الوطني والتعمير. طبعة أنوبرانت، الطبعة الأولى 1997، فاس، ص 60.

 

[41]– أحمد مالكي، “مخططات التهيئة والبعد الزمني بالمغرب” التعمير والحكامة المجالية وفق آخر المستجدات التشريعية والقضائية، منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد رقم 11، ص 101.

[42]  محمد عمري، التعمير وحقوق الإنسان: أي دور للامركزية الترابية الجماعية، منشورات مركز الدراسات في الحكامة والتنمية الترابية،2017ـ ص 141.

[43]  الأشخاص المعنوية العامة تشمل الدولة والعمالات والأقاليم والمجالس البلدية والقروية والمجموعة الحضرية ، أما أشخاص القانون الخاص المعنوية فهي الشركات الوطنية التي تمتلكها الدولة وحدها أو تمتلكها بالإشتراك مع مؤسسة عامة، والشركات المحلية هي التي تمتلكها أو يمكن أن تمتلكها عمالة أو إقليم أوبلدية أو مجلس جماعي، كما يمكن أن يكون رأسمالها مشتركا بين عدة أشخاص معنوية عامة.

وواضح من النص أن شركات الاقتصاد المختلط ليست ملزمة بأن تتقيد بأحكام المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية رغم أن عددها كثير، وأنها أحيانا أقرب إلى تحقيق المصلحة العامة من بعض الشركات الوطنية، كما أن البعض منها يقوم بتسيير مرفق عمومي ترتبط به المصلحة العامة. ولا ندري لما لم يتم إدراجها في نص المادة التاسعة من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير. للتوسع أكثر يراجع عبد الرحمان البكريوي، مرجع سابق، ص 50.

[44]  عبدالرحمان البكريوي، مرجع سابق، ص 49.

[45]  د.عبدالرحمان البكريوي، مرجع سابق، ص 56.

[46]  ظهير شريف رقم 1.60.063 بشأن توسيع نطاق العمارات القروية بتاريخ 30 ذي الحجة 1379 موافق 25 يونيو 1960؛ الجريدة الرسمية عدد 2489 بتاريخ 13 محرم 1380 ( 8 يوليوز 1960)، ص 2098.

[47]  تنص المادة 21 على “… يصدر رئيس المجلس الجماعة بطلب من الإدارة(ـ) أو بمبادرة منه قرار القيام بدراسة تصميم التهيئة بعد أن يتداول المجلس في ذلك، ويستمر مفعول القرار مدة ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ويجوز تجديده مرة واحدة لمدة مساوية للمدة الأولى.

(ـ) يراد بالإدارة طبقا للمادة 18 من المرسوم رقم 2.92.832 بشأن بتطبيق القانون 12.90 المتعلق بالتعمير، الوزارة المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية بحسب الحالة.

قد يعجبك ايضا