صارة مفهومي: الاغتصاب والبيدوفيليا   

المعلومة القانونية
*صارة مفهومي
حاصلة على شهادة  الاجازة في القانون الخاص

بغض النظر عن الأزمة الوبائية التي يعيشها المغرب حاليا ومحاولة التعايش والتأقلم مع الوضع، لكن لا يمر يوم دون أن نسمع حالة اغتصاب    جديدة هذه الظاهرة التي تعرتّ في السنوات الأخيرة وخرجت عن دائرة المسكوت عنه رغم أن عدد الحوادث المتشابهة بقيت طي الكتمان.

 

في طنجة تعرض الطفل عدنان الذي قتل بدم بارد بعد استدراجه وممارسة شتى أنواع الاعتداء الجنسي، ظل غيابه لغزاً محيراً، يقلق بال الأب والأم و عموم الشعب المغربي، ظلت صورته تتداول بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي و القنوات الرسمية قبل أن يستقر به المقام جثة هامدة دفناً تحث التراب ليلتحق بطيور الجنة عند الرب العزة

مرت أيام عن اختفاء عدنان لم يظهر له أثر في الوقت الذي يعاني فيه المسكين ويلات الاغتصاب والاحتجاز بعيداً عن أنظار أسرته وذويه على   يد وحش آدمي أنهى حياته بعد إشباع رغبته و أرداه جثة هامدة في حفرة بالقرب من منزل أسرته.

 

من الطبيعي جداً أن نحترق غضباً أمام جريمة من هذا الحجم، جريمة مركبة ومتعددة الأبعاد (اختطاف احتجاز و اغتصاب وقتل)

والأكثر ألما هو أن تغيب ضحكات عدنان عن عائلته ومنزله و عن حيه وأن نودعه إلى الأبد بشكل يجعل دواخلنا تهتز ألف مرة…

 

السؤال الذي يطرح نفسه كيف لشخص عاقل له ضمير وقلب ومشاعر أن يتجرأ على اغتصاب طفل صغير ؟؟!!!

طبعاً الشخص العاقل لا يمكنه الإقدام على هذا الفعل الشنيع إلا إذا كان مصابا بما يسمى بالبيدوفيليا

فما هي البيدوفيليا؟ ومن هو البيدوفيلي؟ وماهو دورنا كآباء وآمهات في توعية أولادنا وتحسيسهم بخطورة الموضوع؟

 

البيدوفيليا أو الغلمانية أو التحرش الجنسي بالأطفال أو الولع وانتهاك الأطفال… كلها معاني كلمة البيدوفيليا وهي كلمة لاتينية تعني علمياً اضطراب جنسي يتميز بخيال ومحفزات جنسية تجاه الأطفال غير البالغين أو الأطفال أقل من 13 سنة، المشكلة الحقيقية أن لا تحدث فقط الرغبة الجنسية عند هذا البالغ بل تعذيب هذا بطريقة وحشية،وفي جميع الحالات التي وقع فيها اغتصاب الأطفال القاصرين اكتشف انهم تعرضوا إلى تعذيب وحشي أثناء ممارسة الجنس عليهم وهذا ما جعل الامر مرعباً ومخيفاً الى حد بعيد.

البيدوفيليا ليست بالاضطراب الجديد، فقد كانت تاريخيا موجودة منذ زمن بعيد، تحت مصطلحات عديدة كـ(الغلمانية)،  فقد وجدت الكثير من النقوش     والرسومات التي تعود لعدة حضارات تدل دلالة قطعية على وجود الاضطراب آنذاك، فضلاً عن بعض الشخصيات التاريخية والدينية المعروفة، التي ذُكرت ممارساتهم أو ميولهم للأطفال، وبعضها تترجم على صورة زواج القاصرات!

سلط باحثون ألمان وكنديون الضوء على مشكلة الاعتداء الجنسي على الأطفال حول العالم أو المعروفة علمياً باسم “البيدوفيليا” أي “الاشتهاء والولع جنسياً بالأطفال”.

 

حيث قام بعض العلماء والباحثين بعلم النفس بعمل بعض الفحوصات والدراسات للبيدوفيليا، دراسات أولية شكلت قاعدة أساسية لتستند عليها عدة دراسات أخرى. حيث اكتشفوا مبدئياً المسبب الرئيسي لهذا الاضطراب، وهو خلل وظيفي في أحد الشبكات العصبية في الدماغ، والتي ارتبطت بعد ذلك باضطراب البيدوفيليا، وأدى بهم ذلك لتحديد أنواع للبيدوفيليا، مستطيعين كشف سبب اعتداء المصابين بالبيدوفيليا جنسياً على الأطفال والتحرش بهم، وسبب (عدم) قيام البعض الآخر من المضطربين بذلك والاكتفاء بالميول فقط؟

 

الرنين المغناطيسي

 

كانت تلك الدراسة بعمل fMRI Scan (صورة رنين مغنطيسي لدراسة وظيفية) لدماغ بعض المصابين بالبيدوفيليا تحت عدة معايير، بالإضافة إلى بعض الاختبارات النفسية لتحليل ردود الفعل، حيث كانت هذه الدراسة على عدة مجموعات، منهم من قام بالاعتداء جنسياً على طفل، ومنهم من يوجد لديه ميول دون وجود أي حادثة اعتداء من قبل على أي طفل، ومنهم من كان لديه بعض الميول ولم تؤثر هذه الميولات عليه كثيراً، وبالاضافة إلى مجموعة من الأشخاص الطبيعين.

 

نتائج الدراسة:

 

بشكل عام المصابين بالبيدوفيليا يتميزون بشخصية ذات طابع مندفع وغير منضبط أو متحكم.

 

وعلى وجه الخصوص، فإن المصابين بالبيدوفيليا والذين قاموا بالاعتداء على طفل، يعانون من بعض التشوهات العصبية أكثر ونسبة الذكاء عندهم أقل بحوالي ثماني في المائة عن المتوسط.

 

قال الطبيب النفسي جورخي بونسيتي وهو أحد الباحثين المشاركين في هذه الدراسة:

 

”من المثير للاهتمام أن عمر الضحية له علاقة مع نسبة الذكاء عند المعتدي أو الجاني“.

 

وهذا يعني أنه كلما قلت نسبة ذكاء الجاني أكثر، يكون الطفل أصغر سنا.

 

وفي دراسة أخرى وجد باحثون كنديون أن المعتدين على الأطفال، تعرضوا لضعف عدد إصابات الرأس في مرحلة الطفولة بالمقارنة مع غيرهم من الأطفال.

 

أما بالنسبة للمصابين بالبيدوفيليا والذي لم يسبق لهم الاعتداء على طفل من قبل أو التحرش به جنسياً، أظهروا قدرتهم على التحكم وضبط النفس أكثر، ويؤكد دكتور علم النفس كريستيان كيرجيل، أن هذا ما يجعل عملية إعادة تأهيلهم بمساعدتهم أكثر على السيطرة على تصرفاتهم أسهل وأنجع من الذين قاموا بالاعتداء من قبل

توعية الأطفال ضد خطر التحرش الجنسي أصبح من الضروريات،الوعي سيمنح الطفل القدرة على إيقاف الامر في حال استطاع، أو بأسوأ الأحوال أن يقوم بالإبلاغ عما حدث دون خوف من الفضيحة أو عقاب من الاهل

تبدأ توعية الطفل جنسيا مند إتمامه سنتين،

تُعد التوعية الجنسية المبكرة للأطفال من أهم الوسائل التي يستطيع بها الأهل الحفاظ على أطفالهم من هذه الحوادث، كما أن تعليم الأطفال أسماء أعضائهم الخاصة منذ الصغر، يساعدهم في التعبير عن أنفسهم بشكل جيد. من المهم أيضا أن ننببه الطفل على أنه لا يوجد ما يسمّى بالأسرار بينهم وبين من يثق بهم، كالآباء والأمهات، خاصة عندما تتعلق تلك الأسرار بجسدهم، سواء كان تحرشا أو ضربا أو مجرد لمسة بسيطة، على الطفل أن يعلم أنه مهما كان السلوك الذي تعرض له مؤذيا، فإنه يستطيع على أي حال أن يخبر أهله عنه. كما أن هناك أمرا مهما عادة ما يغفل الأهل عن القيام به، وهو أنه يجب ألا نجبر الأطفال أبدا على السلام بالقُبلات مثلا، مهما كانت التهديدات بأن فلان سيغضب أو فلانة لن تعطيه الحلوى، لأن الإجبار في الأمور الصغيرة المسالمة يجعل الطفل معتادا على القيام بالأمور تحت التهديد حتى لو لم يكن مرتاحا فيها.

نعلّم الطفل أن يدخل الحمام منفردًا دون حاجة لمساعدة أحد، ونعوّده على إغلاق باب الحمام عليه ونفهمه أننا نساعده حتى يتمكن من العناية بنفسه دون مساعدة،يمكن أن تساق له تلك المعلومات مثلاً في سياق أنه عندما كان صغيرًا كان أبواه يغيران له الحفاضات، ولكنه الآن كبر ولا يصح لأحد أن يطلع على كل جسمه، حتى لو كان أحد الأقارب أو مهما كان الطفل يحبه.

علّموا أطفالكم أنهم يستطيعون قول كلمة “لا” إن شعروا بالخطر وعدم الأمان، وأنهم يستطيعون رفض المطلوب منهم في أي موقف يشعرون فيه بعدم الارتياح، مهما كانت الشخصية التي تطلب منهم فعليهم ألا يخافوا من العواقب، حتى في حال تقدم أحد أولئك الأشخاص بالشكوى.

كونك شخصا آمنا بالنسبة للطفل هذا لا يعني أن يدفعه ذلك للتحدث من تلقاء نفسه، بل يعني استعداده النفسي للبوح بأسراره ومشاكله إن سُئل بطريقة تلائمه، لذا فالمتابعة اليومية مع الطفل ومعرفة أحداث يومه ومن يُصادق وأين يذهب للعب تُعد أمورا ضرورية، ويجدر هنا الإشارة إلى نقطة تحذيرية، حيث ينبغي للأهالي تجنب إشعار أطفالهم بأنهم محاصرون ن المتعاقبة، بل اجعلوا الأسئلة عامة وبادروا أنتم أيضا بوصف ما حدثن في يومكم، فلا تدفع تلك الأسئلة حينها لأن يفزع الطفل من الحصار، خاصة في حال كنتم في حالة شك أنه ضحية لواقعة تحرش جنسي.

قد يعجبك ايضا