زيارة المحضون بين المبرر القانوني ومستجد كوفيد-19

مقدمة:

يعتبر موضوع الحضانة من أهم الآثار الناجمة عن إنحلال الرابطة الزوجية، لأن الحضانة تربط بحق الطفل في الحماية والرعاية والتربية والتوجيه، ولذلك تعتبر الأحكام المتعلقة بها أساسا في مصلحة المحضون بالدرجة الأولى، وإن كانت تعد حقا للحاضن كذلك والمحضون معا، إلا أن حق المحضون، أقوى لأن الطفل الذي حرم من حنان أسرته نتيجة إنفصال أبويه عن بعضهما يكون في أشد الحاجة إلى الرعاية والعناية من أجل تجنب المخاطر التي تعترض سبيله، وهذا ما أكدته  المادة 54 من مدونة الأسرة.

وقد إهتم الفقه الإسلامي، بالمذاهب الأربعة كذلك وأولى العناية وأهمية بالغة من خلال التنظيم المحكم لمختلف الجوانب المرتبطة بها.

وقد إهتمت مدونة الأحوال الشخصية الملغاة بالحضانة من خلال تخصيص 14 فصلا للحضانة (من ف 97 إلى ف 111)، أما مدونة الأسرة فقد أولت بدورها للحضانة أهمية بالغة من خلال وضع نصوص قانونية تكون أكثر إستجابة للواقع. ومن أجل توفير حماية أفضل للمحضون مع إسناد السلطة التقريرية للمحكمة في غالب الأحيان، شريطة توفير مصلحة المحضون بالدرجة الأولى، وهذا خصصت المدونة في القسم الثاني من الكتاب الثالث للحضانة إبتداءا  من المادة (163 إلى غاية 186). وهذا يدل علي العناية التامة التي أولاها المشرع المغربي للحضانة، كما تم تقرير حق الزيارة الذي بموجبه يحافظ علي صلة الرحم والتعرف على أحواله الشخصية، سواء لأبوي المحضون أو أقاربهم.

إلا أن ما أصبح يعرفه العالم بأسره في الآواني الأخيرة، من بينه المغرب مع ظهور فيروس كوفيد-19 الذي له تأثير كبير علي مجالات متعددة، بما هو إقتصادي وإجتماعي وسياسي، وكذا توقف العجلة الإقتصادية شيئا ما، إلى جانب تأثيره علي التشريع الدولي والداخلي، وهذا الأخير الذي يتكون من مجموعة من القوانين، ويترأسهم الدستور بإعتباره أسمى قانون وتتفرع عنه  مجموعة من القوانين كالتجاري والجنائي والشغل وكذا الأسرة – الذي يتمحور مقالنا حولها-. والتي تهم بمجموعة من المواضيع كالزواج والطلاق والتطليق والنسب والنفقة والحضانة، وهذه الأخيرة التي طرحت إشكالات واقعية مع مستجد كوفيد-19.

مما يدفع بنا إلى طرح الإشكالية المركزية:

  • ما مدي تأثير حالة الطوارئ الصحية على زيارة المحضون؟

للاجابة عن هذه الإشكالية  يمكن معالجتها على النحو التالي:

  • أولا: الأساس القانوني المبرر لزيارة المحضون في ظل مدونة الأسرة.
  • ثانيا: الظروف الطارئة ومستجد كوفيد-19 على زيارة المحضون.

 

أولا: الأساس القانوني المبرر لزيارة المحضون في ظل مدونة الأسرة

إن مدونة الأسرة قررت زيارة المحضون وإستزارته، وهو حق مكفول بقوة القانون لغير الحاضن، كالأب أو الأم، أو أحد والدي الأبوين في حالة الوفاة. وهذا ما تم تنظيمه من خلال البنود 180 إلى 186، وأصل ذلك راجع إلى الفقه الإسلامي عامة والفقه المالكي بالخصوص. وكذا إتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، من خلال البنود 3 و9 و10، ومفادها أن حق الطفل المنفصل عن والديه وأحدهما في الإحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصية وإتصالات مباشرة بكلا والديه، إلا إذا تعارض ذلك مع مصالح الطفل. ومن هذه الزاوية يمكن القول، هل الأحكام المنظمة من طرف المشرع المغربي المتعلقة بزيارة المحضون قادرة أن تتفاعل مع الوقائع والمستجدات التي تطرأ إما بحسب الزمان أو المكان؟

وعلى ضوء ما سبق يمكن أن نوزع دراسة هذا المحور إلى زيارة غير الحاضن من الأبوين (أ)، إنتقالا إلى تنظيم زيارة المحضون بإتفاق أو بحكم قضائي (ب).

أ- زيارة غير الحاضن من الأبوين

إن الباب الرابع المنظم لزيارة المحضون إستهل بمادة صريحة من خلال المادة 180، التي نصت بصريح العبارة “لغير الحاضن من الأبوين، حق زيارة وإستزارة المحضون”.

وبالوقوف على منطوق النص، نجد أن الذي له حق الزيارة قد يكون هو الأب في حالة وجود المحضون عند أمه، وقد يكون المحضون تحت رعاية غير الأم، فيكون للأم والأب معا زيارة وإستزارة المحضون. وقد يكون الحق للجد والجدة في حالة وفاة أحد والدي المحضون، وهو ما أكده القضاء في عدة مناسبات، إذ جاء في حكم صادر عن إبتدائية وجدة: “إلزام الحاضنة بتسليم الأولاد لوالدهم قصد الزيارة وصلة الرحم مرة في كل أسبوع مع شمل القرار بالنفاذ المعجل”[1].

إلا أنه يمكن ملاحظة، هل يدخل في زيارة المحضون الوصي والمقدم، خصوصا إذا كان قريبا محرما للمحضون؟

رغم أن المشرع لم يذكرهم فيما يتعلق بالزيارة وإقتصر عن الأبوين فقط وأقاربهم، ولكن بإستقراء المادة 169 من مدونة الأسرة التي أعطت للنائب الشرعي واجب العناية في التوجيه الدراسي والتأديب، وكذا في المادة 235 من نفس المدونة التي تنص بأن النائب الشرعي يقوم بالعناية بشؤون المحجور الشخصية. والنائب الشرعي قد يكون أبا أو أما أو وصيا أو مقدما، فكان بالأولى أن يوسع المشرع دائرة الأشخاص في الزيارة خصوصا إذا توفى والده المحضون.

ب- تنظيم زيارة المحضون بإتفاق أو بحكم قضائي

لقد قرر المشرع خلال مقتضيات المادة 181 أن الأصل هو إتفاق الأبوين على تنظيم الزيارة بعيدا عن سلطة القضاء، كما إذا قام بتحديد مكان وزمان الزيارة بالتراضي والمفاهمة بينهما، وذلك تفاديا لأي خلاف محتمل، وحتى يقوم الحاضن بتهيئة المحضون في الوقت المتفق عليه.

وقد ألزم المشرع الأبوين بضرورة تبليغ هذا الإتفاق إلى المحكمة بتضمينه في مقرر إسناد وتسجيل هذا المضمون للرجوع إليه عند الضرورة، وقد ورد في إبتدائية سلا أنه: “يمكن للأبوين تنظيم هذه الزيارة بإتفاق بينهما يبلغانه إلى المحكمة الذي يسجل مضمونه، فإستقر إسناد الحضانة وفقا لمقتضيات المادة 181 من مدونة الأسرة … والحكم على المدعى عليها بتمكين المدعي من زيارة وإستزارة إبنته ملاك، يومي السبت والأحد في كل أسبوع بداية من التاسعة مساء يوم الأحد وكذلك أسبوع من كل عطلة صيفية وخلال اليوم الثاني من الأعياد الدينية من الساعة التاسعة صباحا إلى غاية الساعة الخامسة مساء وبتحميل المدعى عليها الصائر”[2].

وفي حالة عدم حصول الإتفاق بين الأبوين حول تنظيم الزيارة بينهما، فإن الإجابة نجدها في المادة 182 التي تنص بقولها: “في حالة عدم إتفاق الأبوين تحدد المحكمة في قرار إسناد الحضانة فترات الزيارة وتضبط الوقت والمكان بما يمنع قدر الإمكان والقابل في التنفيذ.

تراعي المحكمة في كل ذلك ظروف الأطراف والملابسات الخاصة بكل قضية ويكون قرارها قابلا للطعن”.

وقد ذهب المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا)، إلى أن المحكمة لما حددت وقت الزيارة لصلة الرحم ليوم السبت والأحد بيت الحاضنة فإنه تكون قد راعت وفق سلطتها التقديرية في هذا الشأن ظروف جميع الأطراف، خصوصا مصلحة المحضون التي تعاني من مرض عضوي ونفسي لا تستطيع معه مفارقة والدتها الحاضنة … مما يجعل ما قضت به المحكمة في هذا الشأن مبنيا على أساس ولم تخرق مقتضيات المادة 182 من مدونة الأسرة”[3].

ولكن أصبحت هذه المقتضيات قاصرة في ظل ما يعرفه العالم عموما والمغرب بالخصوص، من خلال هذا الوباء الفتاك الذي يسمى بكوفيد-19 الذي بسببه تم فرض حالات الطوارئ الصحية، وكانت التداعيات إلى التفكير السليم في الطريقة المثلى التي يمكن فيها للأبوين زيارة المحضون، إذا كانت المسافة داخل التراب الوطني، ووجود أزمة التنقل وحفاظا على رعاية مصلحة المحضون من تنقل الفيروس إليه.

يمكن طرح حل جديد، ففي حالة وجود إتفاق الأبوين أو حكم قضائي يقضي بزيارة المحضون. فيمكن مشاهدة المحضون من خلال وسائل الإتصال عن بعد، كالواتساب دون السفر إليه في المكان المتواجد فيه، حفاظا لمصلحته.

ثانيا: الظروف الطارئة ومستجد كوفيد-19 على زيارة المحضون

من المسلم أن يفرض المشرع ظروفا تطرأ على تنظيم الزيارة سواء بإتفاق الأبوين أو المقرر القضائي، إذا لحق بأحد الطرفين ضررا، ويستعصى عليه الإنضباط لتلك الزيارة في أوقات أو أماكن معينة.

لذلك منح المشرع هذه الإمكانية لتعديل ومراجعته تنظيم الزيارة وأعطى للنيابة العامة مهاما كذلك، من خلال إخطارها من كل الأضرار التي قد يتعرض لها المحضون.

ولكن السؤال المطروح، هل هذا التنظيم القانوني يمكن أن يفعل في حالة الطوارئ الصحية؟

وللإجابة عن هذا، يمكن مناقشته من خلال التفريع التالي:

فسأقف عند محدودية تعديل ومراجعة نظام الزيارة مع مستجد كوفيد-19 (أ)، ثم أختم بدور النيابة العامة كجهة حمائية في حالة الطوارئ الصحية (ب).

أ- محدودية تعديل ومراجعة نظام الزيارة مع مستجد كوفيد-19

إن عدم إتفاق الأبوين يكون دافعا لتدخل المحكمة لتنظيم الزيارة مع مراعاة ظروف الأطراف والملابسات الخاصة بكل قضية، ويكون قرارها قابلا للطعن، مع إمكانية تعديل نظام الزيارة في حالة تغيرت الظروف وتوفرت أسباب موضوعية تقتضي تعديل ما تم الإتفاق عليه أو ما قضت به المحكمة بما يحقق مصلحة المحضون. وهذا ما نصت عليه المادة 183 من مدونة الأسرة: “إذا إستجدت ظروف أصبح معها تنظيم الزيارة المقررة بإتفاق أبوين أو بالمقرر القضائي ضارا بأحد الطرفين أو بالمحضون، أمكن طلب مراجعته وتعديله بما يلائم ما حدث من ظروف”.

من خلال قراءة هذا النص يمكن القول أن المشرع تحدث عن الظروف التي تطرأ وتحدث مستجدا وتضر بأحد الطرفين، ولن ينص عن الظروف الخارجية كالفيضانات والجوائح التي قد تكون سببا في إنقطاع الطرق. وفرض حالة الطوارئ كما يعيش المغرب حاليا، هل في هذه الحالة يمكن للقضاء مراجعة وتعديل نظام الزيارة، أم أنه سيلجأ إلى وسيلة أخرى غايتها تحقيق مصلحة المحضون؟

ثم في حالة الإخلال بالتنفيذ سواء المقرر بإتفاق أو بمقرر قضائي فإن الجزاء هو تعديل نظام الزيارة أو إسقاط حق الحضانة في الأحوال العادية، أما ما يخص الأحوال الإستثنائية كما في حالة الطوارئ، هل ستأخذ المحكمة ما تراه مناسبا من إجراءات، إما التعديل أو الإسقاط؟

وحسما في النقاش، نقول بأن هناك بلاغا مشتركا صادرا عن السيد وزير العدل والسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والسيد الرئيس للنيابة العامة المؤرخ في 16/03/2020 الذي أقر بتوقيف جميع الجلسات بالمحاكم بإستثناء قضايا الإعتقال الإحتياطي والقضايا الإستعجالية.

ثم نطرح سؤالا آخر، ماهي السبل التي يمكن من خلاله إثبات الإخلال في التنفيذ سواء عن طريق الإتفاق أو بمقرر قضائي؟

للإجابة عن هذا السؤال، نقول إن المطالب بإسقاط الحضانة لعدم إحترام الإتفاق أو الحكم القضائي يمكنه الإستعانة بجميع وسائل الإثبات الدالة على التحايل في التنفيذ أم الإخلال بالإلتزام، علما بأن المحكمة لها سلطة تقديرية واسعة في تقدير هذه الحجج مع مراعاة مصلحة المحضون.

ويعتبر محضر الإمتناع، الذي يحرره العون القضائي في حق الحاضن أو الحاضنة الممتنع عن تسليم المحضون لصاحب حق الزيارة وسيلة هامة من أجل إثبات الإخلال في التنفيذ، وبالتالي لا يمكن إسقاط الحضانة لوجود عدة مبررات.

ولكن هذه المقتضيات لن تكون صالحة مع وجود حالة الطوارئ الصحية، والحجر الصحي في البيوت.

حتى وسيلة إثبات محضر الإمتناع من طرف العون القضائي مستحيلة، لأن الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين بالمغرب وتماشيا مع البلاغ المشترك الصادر بين وزير العدل والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والسيد رئيس النيابة العامة، أمرت بإغلاق المكاتب لمدة 15 يوما كتدبير أولي قابل للتمديد، وأعطت إستثناء للمفوض القضائي التدخل لإنجاز الإجراءات ذات الطبيعة الإستعجالية الكبرى.

ومن هذا يمكن القول بأن الإخلال في التنفيذ إما بإتفاق الأبوين أو بحكم قضائي لا تكون سببا لإسقاط الحضانة، لوجود حالة الطوارئ الصحية ولأسباب تم ذكرها.

والملاحظ أن المشرع المغربي لم يتضمن نصا قانونيا زجريا في تنظيمه لأحكام الحضانة، ولا توجد عقوبة زجرية في مدونة الأسرة. بينما نجد أن القانون الجنائي المغربي نص على أن عدم تقديم المحضون إلى الشخص الذي له الحق في المطالبة به جنحة، بصريح العبارة الفصل 476 بقوله: “من كان مكلفا برعاية طفل وإمتنع عن تقديمه إلى شخص له الحق في المطالبة به يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة”.

بالإضافة إلى كون المشرع الجنائي ينص في الفصل 477 على أنه: “إذا صدر حكم القضائي بالحضانة وكان نهائيا أو نافذا بصفة مؤقتة، فإن الأب أو الأم أو أي شخص يمتنع عن تقديم القاصر إلى من له الحق في المطالبة بذلك … فإنه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين ّإلى ألف درهم”.

إلا أنه مستحيل تفعيل هذه المقتضيات مع حالة الطوارئ الصحية، وكذا وجود صعوبات واقعية، كذلك إن وجد حكم نهائي، بصفة مؤقتة يقضي بزيارة المحضون.

وأن النص الجنائي يقضي أن يتوفر عنصر الإمتناع الصريح أو الرفض الثابت لتسليم المحضون من أجل زيارته من خلال محضر رسمي، وهذا الأخير تقوم بها الجهة المعنية التي هي العون القضائي، الذي أصبح حاليا متوقفا عن المعاينة وعن تحرير المحاضر

ومن هنا يمكن القول بأن العقوبة لا يمكن أن تطبق على المانع في حالة الطوارئ الصحية، لعدة أسباب ذكرتها آنفا.

ب- إخطار النيابة العامة كجهة حمائية في حالة الطوارئ الصحية

أعطى المشرع المغربي من خلال نصوص مدونة الأسرة للنيابة العامة دورا أساسيا في حماية الأسرة والحفاظ على حقوقها بصفة عامة وحماية الأطفال المحضونين بصفة خاصة، ومن ثم خول المشرع للنيابة العامة دورا هاما في حماية المحضون وحسن رعايته كم الناحية المادية والنفسية والأخلاقية[4].

وبإعتبارها طرفا أصليا في جميع قضايا الأسرة بصريح المادة 3، وتتدخل النيابة العامة كمدعية وكمدعى عليها في حل القضايا الرامية إلى تطبيق هذه المدونة، ولها أن تستعمل كل طرق الطعن التي خولها القانون بإستثناء التعرض، ولها أن تسهر على تنفيذ الأحكام الصادرة في الدعوى في إطار الأحكام التنفيذية المنصوص عليها في الفصل 433 من ق.م.م[5] وخصوصا الفقرتين الثالثة والرابعة.

وتعزيزا لما سبق جاءت المادة 177 من مدونة الأسرة، لتنص على أنه: “يجب على الأب وأم المحضون والأقارب وغيرهم إخطار النيابة العامة بكل الأضرار التي يتعرض لها المحضون لتقوم بواجبها للحفاظ على حقوقه بما فيها المطالبة بإسقاط الحضانة”.

مما قد يلاحظ أن المحضون قد يتعرض لسوء المعاملة أو لأي نوع من الإهمال والإيراء، وكذا الضرب والإعتداء البدني من طرف الحاضن أو أقاربه أو التحرش الجنسي، لذلك خول المشرع إخطار النيابة العامة فورا، ويتم هذا الإخطار بجميع وسائل الإشعار الكتابية منها والشفوية.

ولكن هذه المقتضيات تتعلق بالظروف العادية، أما ما أصبح مع مستجد كوفيد-19 الذي بسببه تم الحجر الصحي. وكذا أن الأشخاص الذين حددتهم المادة 177، كالأب وأم المحضون والأقارب، المسؤولون عن إخطار النيابة العامة تنعدم عندهم وسائل الإثبات، لبعد المسافة بين المدن وبين الحاضن وأبوي المحضون. وإن إفترضنا أن هؤلاء يتواجدون بجوار المحضون في مدينة ما فإن الحاضن يخاف أن ينقل مستحقي الزيارة فيروس كوفيد-19 إلى الحاضن يصعب عليهم إثبات ذلك، لوجود كل الأشخاص في بيوتهم، ثم ماهي الطريقة التي يمكن للأشخاص المذكورين آنفا، إخطار النيابة العامة مع حالة الطوارئ الصحية وإيقاف الجلسات وأن النيابة العامة تستقبل الشكايات المتعلقة بالمعتقلين السياسيين أو بعض الجرائم الخطيرة فقط، وكذا تفشي الأمية غالبا بين أبوي الحاضن وأقاربهم وعدم وجود وسائل الإتصال عن بعد، عند غالبية أبوي الحاضن ووجود عدة صعوبات واقعية فرضها مستجد كوفيد-19، وضعف إمكانية الإتصال عن بعد بين الحاضن وأبوي المحضون.

من هنا يمكن القول أن المحضون في هذه الظروف الإستثنائية التي يعيشها المغرب، قد يتعرض لأضرار جسيمة من طرف الحاضن أو أقاربه. ومن هنا نخاطب الجهة المسؤولة التي تمثل المجتمع، وهي النيابة العامة أن تقوم بإجراءات قانونية تمثل فيها هذه الفئة الضعيفة في مدونة الأسرة.

 

 

خاتمة:

نافل القول، إن زيارة المحضون مع حالة الطوارئ الصحية صعب أن يتحقق مع هذه الظروف الصحية وكذا وجود صعوبات واقعية كتباعد المدن بين أبوي المحضون والمحضون وكذا قصور مدونة الأسرة بإعتبارها نصت على الظروف العادية فقط دون الإشارة إلى الظروف القاهرة كالجوائح مثلا وكذا خوف الحاضنة على المحضون كي لا ينقل له أحد أبويه فيروس كوفيد-19.

 

الإحالات

[1]– حكم عدد 852-04، ملف رقم 500/05، بتاريخ 14/12/2004، غير منشور.

[2]– حكم صادر عن إبتدائية سلا رقم 225 في الملف رقم 879/07/7، بتاريخ 2008/01/22؛ أشار إليه إدريس الفاخوري، العمل القضائي الأسري، الجزء الأول، ص: 417.

[3]– قرار محكمة النقض في الملف عدد 265/2/1/2005، بتاريخ 20/1/2006، منشور بمجلة المنتقي من عمل القضاء في تطبيق مدونة الأسرة، ص: 331.

[4]– إدريس الفاخوري، إنحلال الرابطة الزوجية في مدونة الأسرة مع رصد أهم التوجهات الصادرة عن محكمة النقض ومحاكم الموضوع، الطبعة الثانية، 2018، ص: 264.

[5]– محمد كشبور، الواضح في شرح مدونة الأسرة، الجزء الثاني، الطبعة الثالثة، 2015، ص: 149.

المعلومة القانونية

*عبد الحميد بوفي

باحث في القانون الخاص

قد يعجبك ايضا